والميل للعبادة، ولكن هذا الفريق امتاز بعدم التسامح، بل بالعدوانية ضد المواطنين الذين اتهموا باللادينية، أو بقبول الخضوع لغير الجوييم، وكان من سياسة هذا الفريق ألا ينتظر أتباعه العون من إلههم، بل أن يعملوا بأنفسهم ليساعدوا الإله على تحقيق ما يريده لشعبه، وكانوا بذلك يكونون الجناح اليساري في فريق الفريسيين، بيد أنهم كانوا في غاية الحماسة تجاه شغفهم بالحرية، ولم يعترفوا بأي سلطان عليهم سوى سلطان الله، وكان الموت عندهم أسهل من طاعة غير اليهود، ومن ثم أعلنوا احتقارهم لجماعة الفريسيين الذين قبلوا الأمر الواقع وخضعوا للرومان، وكانت الحركات الثورية التي قام بها المتعصبون في مطلع القرن الميلادي الأول سببا في الحدة بين اليهود وبين الرومان، مما دفع الرومان إلى أن يضربوا الثائرين ضربات قاصمة، وأن يذبحوا قادرة الثورة، ولكن إخماد هذه الثورات لم يضع نهاية لحركات المتعصبين، فهبوا من جديد يدبرون ثورات أخرى ويجمعون لها الجموع، ولما أحس الرومان بذلك قضوا على السلطة المحلية التي كانوا قد منحوها لليهود، وحكموا مناطق اليهود بطريق مباشر، وكان ذلك باعثا لحماسة هذا الفريق ودافعا إلى خلق جو من الاضطراب والقلق في المناطق اليهودية، وفي هذا الجو بدأ المتعصبون حركات اغتيال وفوضى ضد الرومان وضد اليهود الذين كانوا يتعاونون مع الحكم الروماني، وبلغ من حماستهم أنهم كانوا يرتكبون جرائمهم علنا في الطرقات، ويغتالون دون تردد كل من يرون أن الفضاء عليه سيحقق لهم هدفهم (1)، وبهذا أطلق عليهم (السفاكون) Assassius كما لجئوا إلى النهب واللصوصية والفتك، وأوقعوا بالبوليس الروماني ألوانا من العنت، ومن أجل هذا يعد الباحثون هذا الفريق ضمن الفرق السياسية، أو فرق العصابات، مع أنهم بدءوا حركتهم في إطار ديني، ولهدف ديني، ولكن جرائمهم الكبرى نقلتهم من ميدان إلى ميدان (2).
(٢٢٥)