وفي القرن السابع عشر ظهر في سالونيك يهودي اسمه سبتاى زيفى كان واسع الاطلاع على الثقافة اليهودية مما جعله على صلة بأقوال اليهود حول المسيح المنتظر، ورأى زيفى ما عاناه اليهود في حرب الثلاثين بأوربا، فقد أمضى طفولته وشبابه وهذه الحرب مشتعلة، حيث كان اليهود وقودا لها، وساورته نفسه أن يعلن أنه المسيح المنتظر، فعكف على الصلاة والصوم، وأخذ يطوف البلاد هنا وهناك، ويدعو لنفسه ويعلن قرب ظهور المسيح المبارك، ولما حلت سنة 1666 أعلن زيفى أزل رسالة له لليهود، واختار لإعلانها يوما يمضيه اليهود في صوم وحزن لأنه يرتبط بذكريات أليمة عندهم، وفي هذه الرسالة يقول:
(من أول ابن الله، سبتاي زيفى، المسيح، مخلص شعب إسرائيل، إلى جميع أبناء إسرائيل... السلام... لما كان قد قدر لكم أن تكونوا جديرين برؤية اليوم العظيم وإنجاز وعد الله إلى أبنائه، فلا بد أن تغيروا أحزانكم فرحا وصومكم مرحا، لأنكم لن تبكوا بعد الآن، فاستمتعوا وغنوا واستبدلوا باليوم الذي كان من قبل يقضى في حزن وآلام، يوم عيد، لأني ظهرت...).
وأعلن زيفى أنه سيستعيد فلسطين لليهود، وسيعيد أمجاد صهيون الذي حققه من قبل داود وسليمان، وقد ذكر لنا Hosmer تفاصيل دقيقة عن سبتاي زيفى وحركته، فلننقل منه بعض فقرات تصور لنا هذه الحركة الخطيرة ونهايتها، يقول Hosmer (1): ولد سبتاي زيفى سنة 1626 م وهو ابن لتاجر يهودي كان يعمل مديرا لفرع من فروع شركة إنجليزية تجارية كبيرة، وكان سبتاي جذابا، هادئ الأخلاق، كما كان شديد الحماسة للفروض الدينية والتقاليد اليهودية، مما لفت إليه الأنظار، وعندما بلغ الخامسة والعشرين أعلن أنه المسيح المنتظر، وسرعان