من مجئ قورش، وقد أعاد هؤلاء بناء المدينة المقدسة، كما بنوا بها معبدا صغيرا مكان الهيكل بتصريح من قورش (1)، وكانت عودة اليهود من المنفي عودة الجموع وليست عودة الدولة، فإن بعض بني إسرائيل عادوا ولكن دولتهم لم تعد، فقد صاروا جماعة تابعة للحكم الفارسي وخاضعة له، وكانت المناوشات لا تنقطع بينهم وبين حكامهم الفرس، ومن أجل ذلك رحبوا بالإسكندر الأكبر عندما زحف على فلسطين سنة 320 ق. م، وقد آل حكم فلسطين إلى البطالسة بعد الإسكندر.
المكابيون:
لم يستقر اليهود في ظلال الحكم الجديد، كما لم يعرفوا الاستقرار قط، ومن أبرز ثوراتهم في هذا العهد تلك الثورة التي قاموا بها سنة 167 ق م بقيادة الكاهن ماتياس، وقد هزم فيها ماتياس وهرب ومات في العام التالي، فتولى ابنه مكابياس قيادة الثائرين، وقد دفع حياته سنة 161 ق م ثمنا لعصيانه، وإلى هذا الكاهن تنسب أسرة الكابيين التي حاولت أن تحقق - دون جدوى - أي لون من ألوان الاستقلال لليهود، وطالما سقط القادة من هذه الأسرة قتلى بيد الأمراء السوريين، وفي سنة 104 ق م استطاع القائد المكابى ارستبولس أن يأخذ لقب (الملك) ولكن عهده لم يطل، وقد أدى طول الاحتكاك بين المكابيين والسوريين إلى أن يصطنع المكابيون تقاليد السوريين وعادات الأمراء المجاورين، وكانت أسرة المكابيين، أقرب إلى القادة العسكريين، منها إلى أسر الحكام. (2) وفي هذه الأثناء كانت الدولة الرومانية ترقب هذا الصراع لتنتهز فرصة