اليهود والألوهية عموما:
على أن مسألة الألوهية كلها، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد، لم تكن عميقة الجذور في نفوس بني إسرائيل، فقد كانت المادية والتطلع إلى أسلوب نفعي في الحياة من أكثر ما يشغلهم، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر اليهودي الحديث يجعل لليهود ربا جديدا نفعيا كذلك، ذلك هو تربة فلسطين، وزهر برتقالها، والذي يقرأ رواية (طوبى للخائفين) للكاتبة اليهودية يائيل ديان ابنة القائد الصهيوني العسكري موشي ديان، يجد أحد أبطالها (إيفرى) ينصح ابنه الطفل بأن يتخلى عن الذهاب للكنيسة، وأن يحول اهتمامه لإلهه الجديد: تراب فلسطين، ونقتبس فيما يلي سطورا من هذه الرواية:
... الصبي يحب أن يذهب إلى الكنيسة مع أمه، ولكنه عندما عاد مرة من المعبد الذي لا يذهب إليه إلا القليلون، ثار أبوه في وجهه بحديث له مغزى عميق، قال له: أيام زمان حين كنا يهودا في روسيا وغيرها، كان من الضروري بالنسبة لنا أن نطيع التعليمات، ونحافظ على ديننا، فقد كان الدين اليهودي لنا وسيلتنا لنتعاون ونتعاطف ونزود عنا الردى، أما الآن فقد أصبح لدينا شئ أهم، هو الأرض، أنت الآن إسرائيلي ولست مجرد يهودي، إني قد تركت في روسيا كل شئ، ملابسي ومتاعي وأقاربي وإلهي، وعثرت هنا على رب جديد، هذا الرب الجديد هو خصب الأرض وزهر البرتقال، ألا تحس بذلك؟ وأخذ إيفرى حفنة من تراب الأرض وسكبها في كف ابنه، وقال له: امسك هذا التراب، اقبض عليه تحسسه، تذوقه، هذا هو ربك الوحيد، إذا أردت أن تصلي للسماء فلا تصل لها لكي تسكب الفضيلة في أرواحنا، ولكن