قوله (1): لم يتمتع الشعب العبراني بخفض العيش إلا أمدا وجيزا، فمات حيرام، وانقطع عون صور الذي كانت تقوى به أورشليم، ثم قويت شوكة مصر، ثانية، وأصبح تاريخ ملوك إسرائيل وملوك يهوذا تاريخ ولايتين صغيرتين بين شقي الرحى، تعركهما على التوالي سوريا ثم بابل من الشمال ومصر من الجنوب، وهي قصة نكبات، وقصة تحررات لا تعود عليهم إلا بإرجاء نزول النكبة القاضية، هي قصة ملوك همج يحكمون شعبا من الهمج، حتى إذا وافت سنة 721 ق م محت يد الأسر الآشوري في عهد الملك سرجون الثاني ملك أشور مملكة إسرائيل من الوجود، وزال شعبها من التاريخ زوالا تاما، وظلت مملكة يهوذا تكافح حتى أسقطها البابليون سنة 586 ق م.
الأسر البابلي:
نعود هنا لإعطاء مزيد من التفصيل عن سقوط دولتي اليهود، وما تبع ذلك من نفي وأسر، فقد تم سقوط مملكة إسرائيل على يد سرجون الثاني ملك أشور، الذي اعتقل هوشع بن أيله آخر ملوكها، ونفاه مع عدد من رجاله إلى مملكته، وأقام عليها واليا يحكم باسمه، وفي سنة 608 ق م زحف فرعون مصر على مملكة يهوذا، فاحتلها، واستمر في زحفه فاحتل مملكة إسرائيل التي كانت قد سقطت تحت سلطة الآشوريين كما سبق القول، وقد ثار لذلك ملك بابل نبوخذنصر (بختنصر)، الذي آل له السلطان على أشور وزحف على فلسطين، فهزم فرعون مصر واستعاد مملكة إسرائيل، ثم احتل مملكة يهوذا، وقتل صدقيا بن بواقيم آخر ملوك يهوذا ونهب أورشليم