على أنه ليس مستبعدا أن تصح نسبة بعض الأسفار المتأخرة إلى من نسبت إليهم، فبعد العودة من الأسر وبعد عهد عزرا بدأ التدوين، واتجهت العناية إلى كتابة الأسفار، فلما جاء عهد تحقيق الأسفار زج بكثير من هذه الكتابات في العهد القديم، ولا تزال هناك أسفار يرفضها البروتستانت المسيحيون حتى العهد الحاضر، وهناك أسفار أخرى يرفضها البروتستانت والكاثوليك ويعترف بها اليهود أو يعترفون ببعضها كما سبق القول.
مصادر العهد القديم:
إذا ثبت لنا أن الوحي ليس المصدر الحقيقي لأسفار العهد القديم التي بين أيدينا، فما المصادر الحقيقية لهذه الأسفار؟
يبدو من الدراسة الفاحصة أن هذه الأسفار من صنع أجيال متعددة، وأن فترة التدوين بدأت من عهد عزرا واستمرت بعده، وأن الكهنة كانوا يعتمدون على ما سمعوه وما تلقاه الخلف من السلف من أخبار وأساطير وأقوال، وكثيرا ما كان الكهنة يكتبون ما يجيش بصدورهم أو ما يأملونه على أنه حقيقة واقعة، أو تاريخ سابق، وليس ذلك في الحقيقة إلا من تصديق الخيال، وإلا من الوهم الذي يتخذ في نفس الواهم صورة الحقائق المقررة، ومن ذلك ما جاء في سفر صموئيل الثاني من أن داود ذهب ليسترد سلطته عند نهر الفرات (1).
ومن الواضح أن داود لم يصل بسلطانه إلى الفرات ولم يقرب منه، وأين نهر الفرات من فلسطين؟ وليس ذلك إلا وليد الخيال (2).
ومن المصادر المهمة للأسفار قرارات المحافل اليهودية، فعلى مر التاريخ كان زعماء اليهود يدفعون بقراراتهم لتصير جزءا من الأسفار