على قومه يدافع عن بابل ويعلن في الملأ أنها سوط عذاب في يد الله، ويتهم حكام يهوذا بأنهم بلهاء معاندون، وينصحهم بأن يسلموا أمرهم كله إلى نبوخذنصر، حتى ليكاد من يقرأ أقواله في تلك الأيام أن يتهمه بالخيانة الوطنية، وأن يظن أنه من صنائع بابل المأجورين (1) استمع إليه يقول على لسان ربه: إني أنا صنعت الأرض والإنسان والحيوان الذي على وجه الأرض بقوتي العظيمة، وبذراعي الممدودة، وأعطيتها لمن حسن في عيني، والآن وقد دفعت كل هذه الأراضي ليد نبوخذنصر ملك بابل عبدي، وأعطيته أيضا حيوان الحقل ليخدمه، وتخدمه كل الشعوب... والأمة أو المملكة التي لا تخدم نبوخذنصر ملك بابل، والتي لا تجعل عنقها تحت نيره إني أعاقب تلك الأمة بالسيف والجوع والوباء، يقول الرب: حتى أفنيها بيده، فلا تسمعوا أنتم لأنبيائكم وعرافيكم وحالميكم وعائقيكم وسحرتكم الذين يكلمونكم قائلين لا تخدموا ملك بابل. لأنهم إنما يتنبئون لكم بالكذب (2). وكلام أرميا أبلغ وصف لأنبياء هذا العهد.
ويقول Weech (3) عن أرميا إنه كان رجلا مثقفا فصيحا، شديد التأثر بما كتبه هوشع، وقد ندد بأخطاء قومه، وأنذرهم بالعقوبة، وقال أرميا بأن الدين مسألة عقيدة، وليست مسألة طقوس، وخلال حصار أورشليم صاح بأنه لا أمل، ودعا للاستسلام، وعندما سقطت المدينة أخذ أسيرا ولكن سرعان ما أطلق آسروه حريته وأعادوه إلى أورشليم، ليستغلوا فيه اتجاهه لتهدئة قومه، ودعوته لهم بالخضوع للفاتحين الجدد، ثم هاجر إلى مصر مع من هاجروا إليها وهناك لم يسمع له ذكر بعد ذلك.
حزقيال (القرن السادس ق م): عاصر فترة سقوط مملكة يهوذا، وكان يشجع قومه على احتمال المتاعب والمحن، ويعلمهم أن ما نزل بهم