الفرات وتربطهم بهم روابط نسب، كما أن روابط جمة تشمل اللغة والعادات والأفكار الدينية كانت تربط هذه الممالك بعضها ببعض. وكانت لغتها لهجة من الكنعانية، وتعتبر مؤاب أكثرها حضارة إذ كانت أسرعها في التحول من نظام البدو إلى عالم الحضر، ويبدو أن أن خصب موقعها ساعد على سرعة التحول فاستقرت واشتغلت بالزراعة وبنت المدن العظيمة. أما مملكة إدوم فكانت تمتد إلى خليج العقبة، وأهم ما كانت تشتغل به هو رعي الأنعام في السهول الفسيحة التي تتبعها، ومن أجل هذا كانت أقل الممالك الثلاثة حضارة ومدنية، وكانت عمون - في الشمال من مؤاب - تعمل في الزراعة والرعي جميعا، فبعض بطونها استقر وبنى المدن واشتغل بالزراعة، والبعض الآخر ظل يتجول ويرعى الغنم والماشية، وهي لهذا تعد من جهة المدنية وسطا بين مؤاب التي اتجهت للاستقرار والزراعة، وبين إدوم التي ظلت تعيش عيشة البادية (1).
المناطق المحيطة:
المناطق السابقة هي المناطق ذات الصلة الوثيقة بدراستنا عن اليهود، وبقي علينا بعد ذلك أن نتكلم كلمة عن الدول المحيطة بهذه المناطق، ونعني بها مدين في الجنوب الشرقي، ومصر في الجنوب الغربي، وبابل وأشور في الشمال والشمال الشرقي، وطبيعي أن اليهود عرفوا هذه الدول واتصلوا بها مسالمين حينا ومحاربين حينا، وتأثروا كثيرا بأفكار السكان ومعتقداتهم، فتعرفنا على هذه الدول هنا يعد أساسا من أسس هذه الدراسة.