وقوله: (فوالله لأن أطعتموه لا تغووا وإن عصيتموه لا ترشدوا) ضمير المفعول في الفعلين يعود إلى قوله أمري وهو صريح في ملازمته الصواب في جميع الأحوال ومصاحبته للرشد في جميع الأقوال، وإن من أطاع أمره هدى إلى الحق ومن عصاه فارق الرشد، وهذه هي العصمة التي ندعيها له وللأئمة من ولده وأقمنا عليها الشواهد الصحيحة وأثبتنا عليها الحجج القائمة ومثله قوله: (فوالله إني لعلى الحق) والتأنيب التلويم على القعود عن الجهاد، والتحريض دعاؤهم إلى الحرب وإغراؤهم بها، وونيتم من الونى أي ضعفتم وفترتم، والتثاقل إلى الأرض كناية عن عدم النهوض إلى إصلاح أمرهم وجهاد عدوهم فتقروا بالخسف أي بالهوان قال الشاعر.
ولا يقيم على ضيم يراد به * إلا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته * وذا يشج فلا يرثى له أحد وتبوءوا بالذل ترجعون ملابسين له، واودي هلك أي من ضعف عن عدوه هلك لضعفه عن المدافعة والمغبون الخاسر، والمهين الذليل المحتقر، والزهد ترك زهرة الدنيا وأدناه كما روي عن الصادق (عليه السلام) (طلب الحلال) والزهد في الشئ الرغبة عنه، والميل إلى غيره، وبقي في الخطبة أشياء قد نبهنا عليها فيما سبق من مباحث هذا الكتاب وإشارات إلى أمور يطول شرحها وقد تكفلت ببيانها كتب السير والتواريخ فهي لا تخفى على من له اطلاع بها وما رمنا إثباته هنا قد انتهى وبلغنا بحمد الله في توضيحه إلى الغاية القصوى وفقنا الله للعمل بما يرضيه وعصمنا عن التهجم على معاصيه وثبتنا على دينه القويم، وهدانا إلى صراطه المستقيم، ورزقنا صدق النية وأعطانا خير الأمنية، وبصرنا سبيل الهدى ودلنا على سفينة النجاة التي من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى، وختم لنا بالسعادة وأماتنا على الملة وأحيانا حياة طيبة وجعلنا للصالحين رفيقا، ورفعنا عنده في الجنة درجة،