ثمن ما باعه وهو إشارة إلى قصة عمرو بن العاص ومعاوية حيث شرط عمرو على معاوية لما دعاه إلى معونته على حرب أمير المؤمنين أن يعطيه مصر طعمة له ولولده فتبا له كأنه يظن أن معاوية لا يزول ملكه ولا يتغير أمره، ولقد لبث عمرو قليلا فهلك ولم يف له معاوية بجميع ما شرط له ولم يعط ولده مصر بعد ارتحاله إلى الجحيم والعذاب الأليم، وهكذا حال القوم سجيتهم الغدر وشيمتهم المكر وبضاعتهم التي يبثونها في الناس الكذب يخدعون به الطغام، ويجلبون به اللئام كجلب الأغنام، فبعدا لهم كما بعدت ثمود.
وقوله: (وخزيت أمانة هذا المشتري نصرة فاسق غادر بأموال المسلمين) خزيت أي ذلت وهانت من باب تعب أيضا.
قوله: (حتى رضخت له رضيخة) رضخت مبينا للمفعول من رضخ كنفع والرضيخة فعيلة بفتح الفاء مال ليس بالكثير أي لم يسلم حتى جعلت له عطية يسيرة أسلم لأجلها لا رغبة في الإسلام وهو معاوية وقادة القوم رؤسائهم الذين رضخت لهم الرضائخ على الإسلام جماعة منهم أبو سفيان وابناه معاوية ويزيد، وحكيم بن حزام بن خويلد، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام بن المغيرة، وحويطب بن عبد العزي، وصفوان بن أمية وعمير بن وهب الحميان، وعينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس التميمي وعباس بن مرداس السلمي، وجماعة غيرهم أيضا وهم المؤلفة قلوبهم الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم وذكرهم أهل السير.
قوله: (تواكل وتخاذل) وهو اتكال القوم بعضهم على بعض وخذلان بعضهم بعضا فتضيع بذلك أمورهم وتنتشر كلمتهم ويحصل فيهم الوهن والضعف عن مقاومة عدوهم، ولم شعثهم وشعب صدعهم، والتهجد قراءة القرآن في جنح الليل في الصلوات، والمنازعة كالمجاذبة وهي طلب كل واحد ما في يد آخر.