وأما قوله (عليه السلام) (والله لو لم يصيبوا منهم إلا رجلا واحدا متعمدين لقتله لحل به قتل ذلك الجيش بأسره) فهو وإن كان في الظاهر مشكلا من جهة جواز قتل الجماعة بالواحد من غير دية ما زاد عن واحد والمعروف في الحكم أنه لو اشترك جماعة في قتل رجل كان لوليه أن يقتل واحدا من أولئك القوم والباقون يدفعون إلى ورثته ما زاد من ديته على قدر ما عليه من دية المقتول الأول أو يقتل القاتلين جميعا ويدفع إلى ورثة الجميع ما زاد عن دية الواحد مقسطا عليهم لكنه في الحقيقة ظاهر ومطابق للشرع لأن مراده من التعمد استحلال قتل المؤمن أو قتله لإيمانه ولا خلاف أن قاتل النفس على أحد هذين الوجهين مستحق للخلود في النار لأنه يكون مرتدا فلا فرق حينئذ بين أن يكون القاتل واحدا أو جماعة قلوا أو كثروا فهذا فقه كلامه (عليه السلام) وهو الحق الذي لا مرية فيه وقوله (عليه السلام): (فما لكم تؤفكون) يعني تصرفون عن الحق أو عن طاعة أمري، أو عن قتال عدوكم وحماية حوزتكم ونصر من كان على ما أنتم عليه وحفظ البلاد التي في أيديكم لئلا يملكها عدوكم وهذا أنسب بالسياق، والكلام تعجب من تقاعدهم عن الجهاد حتى طمع فيهم العدو وتجري على أخذ أطرافهم وبلدانهم مع معرفتهم أنهم على الحق وأن عدوهم على الباطل وذلك موضع العجب إذ يعجز أهل الحق عن القيام به والجهاد دونه ويقوم أهل الباطل دون باطلهم يجالدون وقوله: (بدت الرغوة عن الصريح) مثل لزوال الشبهة وانكشاف الحال عن فسق معاوية وتابعية ووجوب قتالهم لبغيهم وضلالهم وعدم عملهم بالكتاب العزيز فلا حجة في ترك جهادهم والرغوة الزبد الذي يعلوا اللبن ومثله قوله: (وبين الصبح لذي عينين) وهو كناية أيضا عن وضوح الأمر وظهوره يقول بأن للبصير استحقاق معاوية وأصحابه القتل لنبذهم الحق واقتحامهم في غمرة الباطل.
وقوله (ع): (ألا صفرت يد هذا البائع دينه) صفرت كتعبت خلت من