فقلت لعلي: ليس لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي؟ فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي وهو غضبان محمر الوجه، فقال: (ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من الإيمان) فرجعت نادمة ساقطة؟ فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك، ثم ذكرتها أيضا حديث: (أيتكن صاحبة الجمل الأزب تنبحها كلاب الحوئب) (1) وقول النبي (صلى الله عليه وآله) لها: (إياك أن تكونيها يا حميراء) قالت عائشة: نعم أذكر هذا فهذا الخبر يدل على اختصاص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلواته بعلي (عليه السلام) دون جميع أصحابه وأكثر من خلواته بأزواجه، ويصرح بأن مبغض علي (عليه السلام) كائنا من كان خارج من الإيمان، وأن عائشة كانت منطوية على بغضه من ذلك الزمان، وبالجملة فشدة تقريب النبي (صلى الله عليه وآله) عليا وإدنائه منه وتخصيصه إياه بالخلوات دون الأباعد والأقارب أمر معلوم لا يحتاج إلى كثرة الاستدلال عليه، ولصوق علي (عليه السلام) بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حين كان طفلا إلى أن اختار الله لنبيه دار البقاء معروف، قال أبو جعفر الإسكافي في ذكر إسلام علي (عليه السلام): " وما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه " إلى أن قال: " بل ما رأيناه إلا ماضيا على إسلامه مصمما في أمره محققا لقوله بفعله، قد صدق إسلامه بعفافه وزهده ولصق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بين جميع من بحضرته، فهو أمينه وأليفه في دنياه وآخرته، فإسلامه هو السبيل الذي لم يسلم عليه أحد غيره، وما سبيله في ذلك إلا كسبيل الأنبياء ليعلم أن منزلته من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كمنزلة هارون من موسى، وأنه وإن لم يكن نبيا فقد كان في سبيل
(٣٦٢)