منار الهدى في النص على إمامة الإثني عشر (ع) - الشيخ علي البحراني - الصفحة ٣٦٣
الأنبياء سالكا، ولمنهاجهم متبعا، وكانت حاله كحال إبراهيم (عليه السلام) إلى آخر ما قال (1)، ولقد أجاد وأتى من فضل أمير المؤمنين ببعض ما يجب أن يقال فيه، ومن ألطف الأشياء وأطرفها معتزلي يقول في علي هذا القول حتى يبلغ به إلى مساواته لإبراهيم الخليل، وهذا من عظيم نعمة الله على أمير المؤمنين بأن أظهر فضله على لسان كل ناطق من أهل ولايته وأهل ولاية غيره، وهذه الأفعال كلها مشيرة إلى تقديم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) على جميع الصحابة من الأقارب والأجانب، فهو المخصوص بالتعظيم والتفخيم والمقصود بالرئاسة والتقديم، مع ما يضاف إلى ذلك من مواقفه المشهودة ومشاهده المحمودة، افترى يحق مقام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لغيره؟ وهل تظن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يحل محله سواه؟ كلا ورب الراقصات (2) إن هذا ما لا يذهب إليه وهم عاقل لبيب ولا يظنه فطن أريب.
وأما الأقوال المشيرة إلى إمامة أمير المؤمنين:
فمنها: ما رواه ابن أبي الحديد عن أحمد بن حنبل في مسنده وأحمد البيهقي في صحيحه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه، وإلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى علي بن أبي طالب) (3) وهذا الحديث دال بظاهره على أفضلية علي (عليه السلام) على

(1) نفس المصدر 13 / 249.
(2) الراقصات: الإبل ومنه قول الناصر العباسي:
قسما بمكة والحطيم وزمزم * والراقصات ومشيهن إلى منى بغض الوصي علامه بين الورى * كتبت على جبهات أولاد الزنا من لم يوالي في البرية حيدرا * سيان عند الله صلى أم زنى (3) هذا الحديث يعرف بحديث الأشباه وما ذكره المؤلف رحمه الله هنا منقول عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 168، ونضيف إلى ذلك أن هذا الحديث مشهور بين المحدثين ورواة الأخبار على اختلاف في بعض الألفاظ ففي كفاية الطالب للكنجي ص 45 (وإلى نوح في حكمته) ورواية المحب في الرياض 2 / 218 (وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى في بطشه) والمظنون أن " بطشه " أقرب وفي نزهة المجالس للصفوري 2 / 240 (وإلى محمد في بهائه) ولأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبيد الله المصري المعروف بالمفجع قصيدة تعرف بالأشباه لاشتمالها على هذا الحديث كما في معجم الأدباء للحموي 17 / 200.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست