وبعض من الناس كما قدمنا، وليس علينا أن نحبس ألسنتهم عن التأويلات الفاسدة والتمحلات الممتنعة التي لو صدرت عن غيرهم لحملوه على عدم الفهم وحكموا عليه بالبلادة والعصبية والعناد، فلا ذنب لنا ولا إبطال لدعوانا بسبب تأويلاتهم الركيكة الباطلة بل حجتنا واضحة وحجتهم داحضة.
فما ذنبنا إن جاش بحر بفضلنا * وبحرك ساج لا يوارى الدعا مصا (1) وما قدمنا من بيان معنى الوصي متكفل بإبطال دعوى ابن أبي الحديد بأن الوصية في غير الخلافة ولأنه يدعي التقييد في المطلق فعليه أن يأتي بالمقيد، وأنى له به؟ ولنا على إبطال قوله مضافا إلى ما ذكرنا وجوه أخر.
الأول: أن الوصية لا تثبت بغير النص من الموصي على الوصي يقينا وإذا سلم الخصم أن عليا (عليه السلام) وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك ما ندعي، فقوله ولسنا نعني بالوصية النص كلام لا معنى له.
الثاني: إن أهل العقول من جميع المسلمين لا يعلمون منزلة بعد النبوة أشرف وأجل من الإمامة حتى تنصرف وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي (عليه السلام) إليها كما ادعاه فعليه وعلى من يدعي دعواه تبيين تلك المنزلة حتى نعرفها، ثم لو كانت ثمة منزلة أعلا وأجل من الإمامة كما ذكر لكانت أيضا منضمة إليها وداخلة معها علوم الوصية فتتناول جميع المنازل حتى يثبت المخصص وليس ثمة مخصص، فقوله: " لعلها إذا لمحت أشرف وأجل " دعوى مستحيلة، ولو أمكنت لكانت مع الإمامة مندرجة في