ومن مؤلفاتهم التي تتجلى فيها تلك الحقايق كتاب " وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة " فإنه جامع لشتات المسائل من هذا الفن ومؤلفه: الحر العاملي ممن جمع الفقاهة وإجادة التأليف - وقد كمل الانتفاع به بانضمام مستدركه " مستدرك الوسائل " للميرزا حسين النوري فإنه أرجع أحكامه إلى الأصول، وأفسح المنهاج به للمتعلمين والعاملين.
ومع ذلك فالخلاف في الفروع ليس بالشئ الكثير فمن قرأ كتاب: الإنتصار للسيد المرتضى علم أنه ما اختلف فيه الشيعة وأهل السنة من الأحكام قليل واختلاف الرأي بين العلماء لا يصح أن يكون سببا مانعا من العلم بأسرار الاستنباط، والوقوف على وجهات الأنظار في التخريج والاعتبار وليس هو كذلك مباعدا بين العلماء، ولا موسعا بهوة الخلاف.
فإن أهل السنة فيهم المذاهب الفقهية المتعددة ولكنهم يستفيدون ملكة الفقه بالاطلاع على الكتب التي تختص بعلم الخلاف والفقه المقارن.
وليس أضر على الدين من العصبية. ولا أشد فتكا بالعقول، والرجال من سوء الظن والأنانية.
فالفقه الإسلامي لكل المكلفين شريعة واحدة يتعبد بها أهل الأمصار على اختلاف الأنظار فيما حبذا لو تبادل الشيعة وأهل السنة ما عندهم من العلم حتى إذا امتزج البحران ظهر منهما اللؤلؤ والمرجان.
نسأل الله أن يجمع الشتات. وأن يخلص لنا النيات. وأن يوحد الكلمة ويجمع القلوب إنه على ما يشاء قدير وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه آمين.
القاهرة في: 15 من جمادى الآخرة سنة 1377 ه كتبه عبد الوهاب عبد اللطيف المدرس في كلية الشريعة بالأزهر من يناير سنة 1958 م.