برسول الله صلى الله عليه وسلم منا، ولم يخالف هذا الحديث إلا وهو عنده منسوخ أو معارض بما هو أقوى منه، أو غير صحيح عنده. فتجعلون قول المتبوع محكما، وقول الرسول متشابها، فلو كنتم قائلين بقوله لكون الرسول أمركم بالأخذ بقوله، لقدمتم قول الرسول أين كان. وقال: إن ما ذكرتم بعينه حجة عليكم، فإن الله سبحانه أمر بسؤال أهل الذكر، والذكر هو القرآن والحديث..
. فهذا هو الذكر الذي أمرنا الله باتباعه، وأمر من لا علم عنده أن يسأل أهله، وهذا هو الواجب على كل أحد أن يسأل أهل العلم بالذكر الذي أنزله الله على رسوله ليخبروه به، فإذا أخبروه به لم يسعه غير اتباعه، وهذا كان شأن أئمة أهل العلم، لم يكن فيهم مقلد معين يتبعونه في كل ما قال، فكان عبد الله بن عباس يسأل الصحابة عما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعله أو سنه، لا يسألهم عن غير ذلك، وكذلك الصحابة... وكذلك التابعون كانوا يسألون الصحابة عن شأن نبيهم فقط، وكذلك أئمة الفقه... ولم يكن أحد من أهل العلم قط يسأل عن رأي رجل بعينه ومذهبه، فيأخذ به وحده، ويخالف له ما سواه (1).
وقال الشيخ محمد حياة السندي: من تعصب لواحد معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم، ويرى أن قوله هو الصواب الذي يجب اتباعه دون الأئمة الآخرين فهو: ضال جاهل، بل قد يكون كافرا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد معين من الأئمة رضي الله عنهم دون الآخرين، فقد جعله بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك كفر (2).
هذا قليل من كثير قالوه في مسألة عدم جواز اتباع واحد من المذاهب المعروفة، الأربعة وغيرها، ولو شئنا استقصاءه لخرجنا عن موضوع الكتاب،