وأبي يوسف ومحمد بن الحسن؟ فهلا طلبتم أقوال عبد الله بن مسعود وعلي فتماوتم عليها؟ فهما أفضل وأعلم من أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن عند الله تعالى بلا شك.
ونقول لمن قلد الشافعي رحمه الله: ألم ينهكم عن تقليده وأمركم باتباع كلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث صح؟ فهلا اتبعتموه في هذه القولة الصادقة التي لا يحل خلافها لأحد؟ (1 وقال ابن القيم: نقول: أخذتم بقول فلان لأن فلانا قاله؟ أو لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله؟
فإن قلتم: (لأن فلانا قاله) جعلتم قول فلان حجة، وهذا عين الباطل. وإن قلتم: (لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله) كان هذا أعظم وأقبح، فإنه مع تضمنه للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقويلكم عليه ما لم يقله، هو أيضا كذب على المتبوع، فإنه لم يقل: هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد دار قولكم بين أمرين لا ثالث لهما: إما جعل قول غير المعصوم حجة، وإما تقويل المعصوم ما لم يقله، ولا بد من واحد من الأمرين.
فإن قلتم: بل منهما بد، وبقي قسم ثالث، وهو أنا قلنا كذا، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتبع من هو أعلم منا، ونسأل أهل الذكر إن كنا لا نعلم، ونرد ما لم نعلمه إلى استنباط أولي العلم، فنحن في ذلك متبعون ما أمرنا به نبينا.
قيل: وهل ندندن إلا حول اتباع أمره صلى الله عليه وسلم، فحيهلا بالموافقة على هذا الأصل الذي لا يتم الإيمان والإسلام إلا به، فنناشدكم بالذي أرسله: إذا جاء أمره وجاء أمر من قلدتموه، هل تتركون قوله لأمره صلى الله عليه وسلم، وتضربون به الحائط، وتحرمون الأخذ به والحالة هذه، حتى تتحقق المتابعة كما زعمتم، أم تأخذون بقوله، وتفوضون أمر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله، وتقولون: هو أعلم