وذكر الذهبي في العبر أن الفقيه الشافعي أبا حامد محمد بن محمد البروي الطوسي صاحب التعليقة المشهورة في الخلاف كان بارعا في معرفة مذهب الأشعري، قدم بغداد وشغب على الحنابلة، وأثار الفتنة، ووعظ بالنظامية، فأصبح ميتا، فيقال: إن الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلوى مسمومة . وقيل: إن البروي قال: لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية (1).
ومن تعصبهم: ما جرهم إلى فتاوى غريبة وأحكام عجيبة.
فقد أفتى بعض الأحناف بعدم جواز تزويج الحنفي بالشافعية، باعتبار أن الشافعية تشك في إيمانها، لأن الشافعي يقول: أنا مؤمن إن شاء الله. إلا أن بعضهم قال: يجوز ذلك، قياسا على الذمية، أي فكما يجوز زواج الحنفي بالذمية كذلك يجوز زواج الحنفي بالشافعية.
ومن تعصبهم: ما أحدث الفتن فيما بينهم.
قال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 323 ه في بغداد: وفيها عظم أمر الحنابلة، وقويت شوكتهم، وصاروا يكسبون من دور القواد والعامة، وإن وجدوا نبيذا أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها، وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، ومشي الرجال مع النساء والصبيان، فإذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه من هو؟ [فإذا] أخبرهم، وإلا ضربوه وحملوه إلى صاحب الشرطة، وشهدوا عليه بالفاحشة، فأرهجوا بغداد... وزاد شرهم وفتنتهم، واستظهروا بالعميان الذين كانوا يأوون المساجد، وكانوا إذا مر بهم شافعي المذهب أغروا به العميان ، فيضربونه بعصيهم حتى يكاد يموت (2).
ومن تعصبهم: ما سبب إغلاق باب الاجتهاد عند أهل السنة.
قال السيد سابق: وبالتقليد والتعصب للمذاهب فقدت الأمة الهداية