حول المعاد الجسماني وقد اعتنى بدفعها المتكلمون والفلاسفة الإلهيون عناية بالغة، والإشكال يقرر بصورتين نأتي بهما مع الإجابة عنهما:
الصورة الأولى لو أكل إنسان كافر إنسانا مؤمنا صار بدنه أو جزء منه جزءا من بدن الكافر، والكافر يعذب فيلزم تعذيب المؤمن وهو ظلم عليه.
والجواب عنه واضح، فإن المدرك للآلام واللذائذ هو الروح، والبدن وسيلة لإدراك ما هو المحسوس منهما، وعليه فصيرورة بدن المؤمن جزءا من بدن الكافر لا يلازم تعذيب المؤمن، لأن المعذب في الحقيقة هو روح الكافر ونفسه، لا روح المؤمن، وهذا نظير أخذ كلية الإنسان الحي ووصلها بإنسان آخر، فلو عذب هذا الأخير أو نعم، فالمعذب والمنعم هو هو، ولا صلة بينه وبين من وهب كليته إليه.
الصورة الثانية إذا أكل إنسان إنسانا يصير بدنه المأكول أو جزء منه، جزء البدن الآكل، وتلك الأجزاء إما يعاد مع بدن الآكل، وإما يعاد مع بدن المأكول، أو لا يعاد أصلا. (1) ولازم الجميع عدم عود البدن بتمامه وبعينه، أما في أحدهما كما في الفرضين الأولين، أو في كليهما كما في الفرض الأخير، فالمعاد الجسماني بمعنى حشر الأبدان بعينها باطل.
والمشهور عند المتكلمين في الإجابة عنه هو أن بدن الإنسان مركب من الأجزاء الأصلية والفاضلة، والأجزاء الأصلية باقية بعد الموت، وعند الإعادة تؤلف وتضم معها أجزاء أخرى زائدة، والمعتبر في المعاد