نفس الإنسان وذاته، فإنها المبدأ لظهوره في الضمير، إنما الكلام من كونه فعلا اختياريا للنفس أو لا، فمن جعل الملاك في اختيارية الأفعال كونها مسبوقة بالإرادة وقع في المضيق في جانب الإرادة، لأن كونها مسبوقة بإرادة أخرى يستلزم التسلسل في الإرادات غير المتناهية، وهو محال.
وأما على القول المختار، من أن الملاك في اختيارية الأفعال كونها فعلا للفاعل الذي يكون الاختيار عين هويته وينشأ من صميم ذاته وليس أمرا زائدا على هويته عارضا عليها، فلا إشكال مطلقا، وفاعلية الإنسان بالنسبة إلى أفعاله الاختيارية كذلك، فالله سبحانه خلق النفس الإنسانية مختارة، وعلى هذا يستحيل أن يسلب عنها وصف الاختيار ويكون فاعلا مضطرا كالفواعل الطبيعية.
4. التكليف بمعرفة الله تكليف بالمحال قالوا:
" التكليف واقع بمعرفة الله تعالى إجماعا، فإن كان التكليف في حال حصول المعرفة فهو تكليف بتحصيل الحاصل، وهو محال، وإن كان حال عدمها فغير العارف بالمكلف وصفاته المحتاج إليه في صحة التكليف منه، غافل عن التكليف وتكليف الغافل تكليف بالمحال ". (1) والجواب عنه: إنا نختار الشق الأول من الاستدلال ولكن لا بمعنى المعرفة التفصيلية حتى يكون تحصيلا للحاصل، بل المعرفة الإجمالية الباعثة على تحصيل التفصيلية منها.
توضيح ذلك: أن التكليف بالمعرفة تكليف عقلي، يكفي فيه التوجه