الثاني: الشيخ الشعراني، وهو من أقطاب الحديث والكلام في القرن العاشر، فقد وافق إمام الحرمين في هذا المجال وقال:
" من زعم أنه لا عمل للعبد فقد عاند، فإن القدرة الحادثة، إذا لم يكن لها أثر فوجودها وعدمها سواء، ومن زعم أنه مستبد بالعمل فقد أشرك، فلا بد أنه مضطر على الاختيار ". (1) الثالث: الشيخ محمد عبده، فقال في كلام طويل:
" منهم القائل بسلطة العبد على جميع أفعاله واستقلاله المطلق وهو غرور ظاهر (يريد المعتزلة) ومنهم من قال بالجبر وصرح به (يريد الجبرية الخالصة) ومنهم من قال به وتبرأ من اسمه (يريد الأشاعرة) وهو هدم للشريعة ومحو للتكاليف، وإبطال لحكم العقل البديهي، وهو عماد الإيمان.
ودعوى أن الاعتقاد بكسب العبد (2) لأفعاله يؤدي إلى الإشراك بالله - وهو الظلم العظيم - دعوى من لم يلتفت إلى معنى الإشراك على ما جاء به الكتاب والسنة، فالإشراك اعتقاد إن لغير الله أثرا فوق ما وهبه الله من الأسباب الظاهرة، وإن لشئ من الأشياء سلطانا على ما خرج عن قدرة المخلوقين... ". (3)