فذلكة:
اعلم وفقنا الله وإياك، ان بعض هذه الأحاديث تشير إلى خلق أبدان الأئمة وبعضها إلى خلق نورهم (عليهم السلام)، وانهم أول من نطق في عالم الذر واخذ الميثاق.
وكأن الله خلق أول الخلق آل محمد (عليهم السلام) فوضعهم حول عرشه كأشباح يشع منهم النور - كما تقدم - وتكون الأشباح غير الأبدان التي خلقهم بها في عالم الذر.
وعندها لا يشكل علينا كون الأحاديث المتقدمة فيها ان الله خلق الماء والعرش قبل آل محمد، لأنا نقول هذه مرحلة خلق الأبدان بعد أن انتهت مرحلة خلق الأنوار والأشباح لآل محمد (عليهم السلام).
ويكون الله تعالى خلق أبدان الأئمة أيضا أول شئ، ثم خلق بقية الأبدان، وهذا دليل أيضا على أن أول الخلق كأبدان هو خلق أبدان الأئمة، كما أن أنوارهم أول الأنوار في الخلق، وكما ان أرواحهم أول الأرواح في ابتداء الخلق.
وهل كان خلق الأنوار والأشباح قبل خلق أرواحهم أم العكس؟
المظنون به كما تشير اليه بعض الروايات المتقدمة - ان خلق الأرواح أولا، بل قال صدر المتألهين في العرشية أنه من ضروريات المذهب (1)، ذلك أن روايات عالم الأنوار كانت تقول انهم أنوار حول العرش يسبحون الله ويقدسونه.
وهذا يدل على وجود الروح في تلك الأنوار والأشباح، وإلا لما صدق التسبيح والتقديس، إضافة إلى بعض الروايات التي تقول انهم علموا الملائكة التسبيح والتقديس، فلا محال الروح القدسية لآل محمد كانت موجودة في ذلك الوقت.
هذا وسوف يأتي في رواية لأمير المؤمنين (عليه السلام): " ان الله خلقهم نورا، ثم روحا، ثم بدنا قبل كل شئ " (2).