الناعتين، وانى يقاس بهم أحد من العالمين وكيف وهم النور الأول... " (1).
واخرج سبط ابن الجوزي بسنده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال بعد حمد الله:
" لما أراد الله ان ينشئ المخلوقات ويبدع الموجودات أقام الخلايق في صورة قبل دحو الأرض ورفع السماوات، ثم أفاض نورا من نور عزه فلمع قبسا من ضيائه وسطع.
ثم اجتمع في تلك الصورة وفيها هيئة نبينا (صلى الله عليه وآله) فقال له تعالى: أنت المختار وعندك مستودع الأنوار وأنت المصطفى المنتخب الرضاء المنتجب المرتضى، من أجلك أضع البطحاء وارفع السماء وأجري الماء واجعل الثواب والعقاب والجنة والنار، وانصب أهل بيتك علما للهداية، وأودع اسرارهم من سري بحيث لا يشكل عليهم دقيق، ولا يغيب عنهم خفي، واجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدري والمطلعين على اسرار خزائني.
ثم اخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية والإقرار بالوحدانية وان الإمامة فيهم والنور معهم، ثم إن الله اخفى الخليفة في غيبه وغيبها في مكنون علمه ونصب العوالم وموج الماء وأثار الزبد وأهاج الدخان فطفا عرشه على الماء، ثم أنشأ الملائكة من أنوار ابتدعها وأنواع اخترعها، ثم خلق الله الأرض وما فيها.
ثم قرن بتوحيده نبوة نبيه محمد وصفيه، فشهدت السماوات والأرض والملائكة والعرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم وما في الأرض له بالنبوة، فلما خلق آدم أبان للملائكة فضله وأراهم ما خصه به من سابق العلم، فجعله محرابا وقبلة لهم فسجدوا له وعرفوا حقه.
ثم بين لآدم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر، فلما حانت أيامه أودعه شيئا، ولم يزل ينتقل من الأصلاب الناظرة إلى الأرحام الطاهرة إلى أن وصل إلى عبد المطلب ثم إلى عبد الله، ثم إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) فدعا الناس ظاهرا وباطنا وندبهم سرا وعلانية واستدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر اللطيف وندب العقول إلى الإجابة لذلك المعنى المودع في الذر قبل النسل، فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور