المقدمة الرابعة: استعدادات أهل البيت لتلقي الولاية كنا فيما سبق نقول إن سبب منح الله للأولياء والأنبياء الولاية التكوينية هو الاستعدادات التي يحصلها الانسان من جراء تقربه إلى الله بالعبادة وفنائه في الحق فناء لا يرى لنفسه وجودا في قبال ألوهية الحق تعالى.
وهذا الكلام انما يجري في غير أهل البيت المطهر (عليهم السلام)، ذلك للفرق بينهم وبين بقية الأولياء بل والأنبياء، فإذا كان يعقل ان الله بعد أن اتخذ عيسى نبيا أو مريم صديقة طاهرة وأصبحا يعبدان الله ويطيعانه في كل أوامره، ويدعوان إلى عبادته فاقتربا من الحق تعالى حتى منحهما جانبا من ولايته الكونية، فان ذلك إذا كان يعقل في حقيهما، فإنه لا يعقل في حق العترة الطاهرة المطهرة، لان الاصطفاء المطلق لهم ومنحهم ارادته التكوينية كان قبل عالم التكليف والعبادة، أعني في عالم الملكوت وأنوار اللاهوت وقدرة الجبروت، ذلك الوقت الذي كان آدم ونوح ويوسف وعيسى عليهم السلام يتوسلون بأنوارهم، لما رأوا من عظمتهم وامتلاكهم المنزلة والقرب من الله تعالى. وبناء عليه فان الكلام عن استعدادات أهل البيت لتلقي الولاية لابد وان يتجه اتجاها مغايرا، اتجاها يكشف لنا عن حالهم وأحوالهم منذ ذلك العالم، لنرى إلى اي حد يمكن ان نقول بولايتهم على التصرف والايجاد.
قال الإمام الخميني (قده):
(فان للامام (عليه السلام) مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وان من ضروريات مذهبنا أن لائمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) كانوا قبل هذا العالم أنوارا، فجعلهم الله بعرشه محدقين وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله..) (1).