تبصرة عبادية:
* أقول: معرفة آل محمد (عليهم السلام) بحقيقة المعرفة يتوقف عليها الكثير من العبادات، فحتى البكاء على آل محمد (عليهم السلام) وإقامة المآتم وتفسير ابتلاءهم ومحنهم ونحو ذلك، كله يختلف باختلاف الاعتقاد بحقيقة محمد وآل محمد صلوات المصلين عليهم ما سبح ملك وقدس أخر.
فإذا كان شخص يبكي على الحسين (عليه السلام) لأنه ظلم وسلب حقه، ولأنه معصوم وابن الرسول الكريم، فإنه إذا عرف مكانة الحسين الحقيقية من الله تعالى، وانه كان يعلم بتفاصيل واقعة عاشوراء ومع ذلك اقدم، وانه كان يستطيع ان يفني وجودهم بولايته التكوينية أو بدعائه المستجاب (1)، ومع ذلك صبر لعشقه الشهادة وعشق لقاء الله وجواره، فان البكاء يختلف وصبر الحسين يعظم.
وهذا كله متوقف على معرفة حقيقته وسعة علمه وقدرته في التصرف بالكون، وعندها إذا تعرف العبد على سيده وعرف مكانته وبكى عليه، أو أظهر الحزن، يكون بكاؤه عن عقيدة وعلم ويقين واطمئنان، لا عن مجرد تقليد للاباء أو مجرد عاطفة وتأثير الضمير بالبكاء على كل مظلوم.
عندما ندرك قدرة الحوراء الانسية عليها السلام على قلب الموازين الطبيعية، أو ان دعاءها مستجاب، ثم نسمع انها صبرت على دخول دارها عنوة واخراج زوجها، فان للصبر عندها لذة يكشف عن عظمة التزامها بأمر أبيها وأمر الله تعالى.
وهكذا بالنسبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) عندما ندرك تصرفه بالكون - وما أكثره - وعلمه الشامل لما كان ويكون، ومع ذلك صبر على المحسن التزاما بالتكليف الشرعي ولمصالح ليس هنا محل ذكرها، عندها ندرك حقيقة الصبر الذي كان يتحلى