بعد أن يسأله الناس ذلك وبعد أن يأذن الله في الشفاعة. ثم أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفقت عليه الصحابة... أنه يشفع لأهل الكبائر، ويشفع أيضا لعموم الخلق. انتهى.
ولكنهم في نفس الوقت يحرمون الاستشفاع والتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) ويعتبرونه شركا، مع أن الاستشفاع هو طلب شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الله تعالى في الآخرة، أو في أمر من أمور الدنيا!
إن التناسب بين الاعتقاد بسعة الشفاعة في الآخرة يقتضي تجويز الاستشفاع بأهلها في الدنيا!
وبتعبير آخر: إن تحريم الاستشفاع والتوسل في الدنيا، يناسبه إنكار الشفاعة في الآخرة، لا القول بسعتها لجميع الخلق!
وقد التفت إلى ضرورة هذا التناسب بعض المتأثرين بالفكر الوهابي في تحريم التوسل والاستشفاع، فأنكر شفاعة نبينا (صلى الله عليه وآله) بمعناها المعروف، وفسرها بتفسير شاذ جعل منها أمرا شكليا بعيدا عن أفعال الله تعالى.
قال فيما قال: إن الشفاعة هي كرامة من الله لبعض عباده فيما يريد أن يظهره من فضلهم في الآخرة فيشفعهم في من يريد المغفرة له ورفع درجته عنده، لتكون المسألة في الشكل واسطة في النتائج التي يتمثل فيها العفو الإلهي الرباني، تماما كما لو كان النبي السبب أو الولي هو الواسطة.
إلى أن قال: وفي ضوء ذلك لا معنى للتقرب للأنبياء والأولياء ليحصل الناس على شفاعتهم، لأنهم لا يملكون من أمرها شيئا بالمعنى الذاتي المستقل. بل الله هو المالك لذلك كله على جميع المستويات، فهو الذي يأذن لهم بذلك في مواقع محددة ليس لهم أن يتجاوزوها. الأمر الذي يفرض التقرب إلى الله في أن يجعلنا ممن يأذن لهم بالشفاعة له. انتهى.
ولم يصرح صاحب هذا القول بحرمة طلب الشفاعة من الأنبياء والأولياء (عليهم السلام)،