وقد استدل ابن عبد الوهاب على ذلك بآيات النهي عن اتخاذ شريك مع الله كقوله تعالى (فلا تدعوا مع الله أحدا).
والجواب عنها: أنه ثبت من القرآن والسنة أن كثيرا من الأفعال الإلهية تتم بواسطة الملائكة، وليس في ذلك أي شرك لهم مع الله تعالى، لا في ملكه، ولا في أمره، بل هم عباد مكرمون مطيعون. ولا مانع من العقل أو النقل أن يجعل الله تعالى أنواعا من أفعاله وعطائه بواسطة الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) أو يجعلها معلقة على طلبهم منه!
ولا يصح التفريق بين الأمرين والقول بأن ذلك إن كان بواسطة الملائكة فهو إيمان لأنهم لا يصيرون شركاء، أما إن كان بواسطة غيرهم فيصيرون شركاء لله تعالى!
أو القول بأن تعليق العطاء الإلهي على طلب الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) شراكة لله تعالى وشرك به، لكن شراكة الملائكة لله تعالى والشرك بهم لا بأس به!!.
نقول لأصحاب هذه الشبهة: إقرؤوا قول الله تعالى: ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما. الفتح - 4.
وقوله تعالى: ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما. الفتح - 7.
وقوله تعالى: وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر. المدثر - 31.
ثم نقول لهم: نحن وأنتم لا يحق لنا أن نقسم رحمة الله تعالى أو نحصرها، أو نحصر طرقها، أو نضع له لائحة فتاوى لما يجوز له أن يفعله وما لا يجوز!.
ومعرفتنا ومعرفتكم بما يمكن له تعالى أن يفعله وما لا يمكن، إنما جاءت مما دلنا عليه العقل دلالة قطعية، أو دلنا عليه كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله).
والعقل لا يرى مانعا في أن يربط الله تعالى أفعاله بطلب ملائكته أو أوليائه، فيجعلهم أدوات رحمته، ووسائط فيضه، ووسائل عطائه.. وذلك لا يعني تشريكهم في ألوهيته، بل هم عباده المكرمون المطيعون، ووسائله وأدواته التي يرحم بها عباده.
هذا من ناحية نظرية.. وأما من ناحية الوقوع والثبوت، فقد دل الدليل على أن أنظمة الفعل الإلهي وقوانينه واسعة ومعقدة، ودل على أنه تعالى جعل كثيرا من