سورة (والنجم) وسجد فيها المسلمون والمشركون والإنس والجن وليس فيه حديث الغرانيق، وروي هذا الحديث من طرق كثيرة وليس فيها البتة حديث الغرانيق.
وأما المعقول فمن وجوه: أحدها: أن من جوز على الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيم الأوثان فقد كفر، لأن من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعيه صلى الله عليه وسلم كان في نفي الأوثان.
وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يمكنه في أول الأمر أن يصلي ويقرأ القرآن عند الكعبة آمنا لأذى المشركين له، حتى كانوا ربما مدوا أيديهم إليه، وإنما كان يصلي إذا لم يحضروها ليلا أو في أوقات خلوة، وذلك يبطل قولهم.
وثالثها: أن معاداتهم للرسول (صلى الله عليه وآله) كانت أعظم من أن يقروا بهذا القدر من القراءة دون أن يقفوا على حقيقة الأمر، فكيف أجمعوا على أنه عظم آلهتهم حتى خروا سجدا، مع أنه لم يظهر عندهم موافقته لهم.
ورابعها: قوله: فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته، وذلك أن أحكام الآيات بإزالة تلقية الشيطان عن الرسول أقوى من نسخه بهذه الآيات التي تنتفي الشبهة معها، فإذا أراد الله تعالى إحكام الآيات لئلا يلتبس ما ليس بقرآن قرآنا، فبأن يمنع الشيطان من ذلك أصلا، أولى.
وخامسها: وهو أقوى الوجوه: أنا لو جوزنا ذلك ارتفع الأمان عن شرعه، وجوزنا في كل واحد من الأحكام والشرائع أن يكون كذلك، ويبطل قوله تعالى: بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس، فإنه لا فرق بين النقصان من الوحي وبين الزيادة فيه!
فبهذه الوجوه عرفنا على سبيل الإجمال أن هذه القصة موضوعة، أكثر ما في الباب أن جمعا من المفسرين ذكروها لكنهم ما بلغوا حد التواتر. وخبر الواحد لا يعارض الدلائل العقلية والنقلية المتواترة... انتهى.