وقد اختلف الفقهاء في موارد مالية بني عبد المطلب هذه، فحصرها فقهاء الخلافة القرشية بغنائم الحرب وجعلوا خمسها لذوي قربى النبي من بني هاشم.. وعممها فقهاء الشيعة لكل ما يغنم في الحرب والكسب، مما زاد على مصارف المسلم السنوية.. فقد يقال إن هذه الأموال تشكل ميزانية دولة، فكيف يجعلها الله تعالى لأسرة النبي (صلى الله عليه وآله)؟!
والجواب: أولا، أن الخمس ليس لأغنياء بني هاشم، بل هو مختص بفقرائهم المؤمنين.
وثانيا، إن الاهتمام بالفقراء من أسر الأنبياء والنابغين أمر حضاري، فلو أن مجلس العموم البريطاني مثلا أقر قانونا بإعطاء أبناء آينشتاين من أموال الدولة ما يكفي لمعيشة فقراءهم، بسبب أنهم من ذرية عالم نابغ، ويؤمل أن ينبغ منهم آخرون.. لرأى فيه المعترضون على الخمس الإسلامي عملا عصريا صحيحا، واهتماما جيدا من دولة متحضرة!
فما هو الإشكال في أن تهتم الشريعة الخاتمة بذرية سيد الأنبياء وأسرته (صلى الله عليه وآله) وتجعل لهم ميزانية من أزكى الموارد، لمن كان منهم مؤمنا محتاجا.
وثالثا، إن الذي يشكل على تشريع الخمس لآل النبي (صلى الله عليه وآله) عليه أن يرجع إلى القرآن ليرى ما هو أعظم من الخمس، فإن نبينا (صلى الله عليه وآله) هو الوحيد من بين الأنبياء الذي أوجب الله تعالى على أمته إعطاءه أجرا على تبليغ الرسالة، وجعل هذا الأجر: مودة آله فقال (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ولذا أفتى كل فقهاء المذاهب بنفاق الناصبي الذي يكره آل النبي (صلى الله عليه وآله)، وأفتى بعضهم بكفره!
إن المتأمل في آيات القرآن وتاريخ الأديان، لا مفر له من القول بأن الله تعالى من الأصل قد اختار الأنبياء وأسرهم لتبليغ الدين الإلهي، وإقامة الحكم به في المجتمعات البشرية. فالأسرة المختارة أساس في نظام الدين الإلهي، ولكنها أسرة