وأما قول النصارى فقيل فيه: إنهم تأولوا ما في الإنجيل من قول عيسى أذهب إلى أبي وأبيكم. وقال قوم: لما قالوا المسيح ابن الله أجرى ذلك على جميعهم كما يقولون: هذيل شعراء، أي منهم شعراء...
وقوله: وأحباؤه، جمع حبيب فقال الله لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله): قل لهؤلاء المفترين على ربهم: فلم يعذبكم بذنوبكم؟ فلأي شئ يعذبكم بذنوبكم إن كان الأمر على ما زعمتم، فإن الأب يشفق على ولده والحبيب على حبيبه.
واليهود تقر أنهم يعذبون أربعين يوما، وهي عدد الأيام التي عبدوا فيها العجل!
وقوله: بل أنتم بشر، معناه قل لهم ليس الأمر على ما زعمتم أنكم أبناء الله وأحباؤه، بل أنتم بشر ممن خلق من بني آدم، إن أحسنتم جوزيتم على إحسانكم مثلهم، وإن أسأتم جوزيتم على إساءتكم، كما يجازى غيركم، وليس لكم عند الله إلا ما لغيركم من خلقه.
- تفسير التبيان ج 1 ص 486:
أتحاجوننا في الله... وكانت محاجتهم له (صلى الله عليه وآله) أنهم زعموا أنهم أولى بالحق لأنهم راسخون في العلم وفي الدين، لتقدم النبوة فيهم والكتاب، فهم أولى بأن يكون الرسول منهم.
وقال قوم: بل قالوا نحن أحق بالإيمان، لأنا لسنا من العرب الذين عبدوا الأوثان.
وقال الحسن: كانت محاجتهم أن قالوا نحن أولى بالله منكم، وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه، وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا. وغرضهم بذلك الاحتجاج بأن الدين ينبغي أن يلتمس من جهتهم، وأن النبوة أولى أن تكون فيهم. وليس الأمر على ما ظنوا، لأن الله أعلم حيث يجعل رسالته، ومن الذي يقوم بأعبائها ويتحملها على وجه يكون أصلح للخلق وأولى بتدبيرهم. وقوله: لنا أعمالنا، معناه الإنكار لاحتجاجهم بأعمالهم، لأنهم مشركون ونحن له مخلصون. وقيل معناه الإنكار للاحتجاج بعبادة العرب للأوثان، فقيل: لا حجة في ذلك، إذ لكل أحد عمله لا يؤخذ بجرم غيره.