الموحدين منها وهي دار عذاب لم تفن، ويبقى المشركون فيها ما دامت باقية.
والنصوص دلت على هذا وعلى هذا.
قالوا: وأما الطريق الرابع وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفنا على ذلك ضرورة، فلا ريب أنه من المعلوم من دينه بالضرورة أن الكفار باقون فيها ما دامت باقية، هذا معلوم من دينه بالضرورة، وأما كونها أبدية لا انتهاء لها ولا تفنى كالجنة فأين في القرآن والسنة دليل واحد يدل على ذلك!! انتهى.
وقد ذكر في 79: قول أهل السنة (إن الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا فلا ريب أن القول بفنائهما قول أهل البدع من الجهمية) وأجاب عليه بقوله (فقولكم إنه من أقوال أهل البدع كلام من لا خبرة له بمقالات بني آدم وآرائهم واختلافهم...) انتهى.
ونلاحظ أن ابن قيم اعترف بأن الذين نفوا خلود النار هم اليهود والاتحادية من الوثنيين والماديين، ثم قام بتغيير موضوع النزاع في المسألة، لكي يوفق بين إجماع المسلمين على الخلود في النار وبين قول عمر بفنائها، وعمدة ما قاله: إنه لا مانع أن نقول خالدين فيها إذا لم تخرب، كما نقول مؤبد في السجن ما دام السجن موجودا ولم يخرب. يريد بذلك أن أهل النار إنما ينقلون إلى الجنة بسبب خرابها!
ولو سلمنا هذا المنطق في المسألة، فأين دليله على خراب السجن أو جهنم؟!
يكفي لرد ذلك أنه لو كان له أصل في الإسلام لكثرت فيه الآيات والأحاديث!
ولو كان له أصل لاحتج به الخليفة، وذكر ولو كلمة عن فناء النار، وما اقتصر على رمل عالج!!
إن فذلكات ابن قيم وأمثاله لا يمكنها أن تقاوم ما تقدم من الآيات والأحاديث والإجماع، ولا أن تقلب معاني ألفاظ اللغة فتلغي معنى الدوام والتأبيد والخلود وتجعلها كلها لزمن محدود ينتهي.
وقد اغتر بهذه الفذلكة بعضهم وقال: ليس في اللغة العربية كلمة للوقت الممتد