الكلام بسردها وردها، لأنها ما عدا واحد منها وجوه خطابية استحسانية، وليست علمية، ويكفي في جوابها جميعا أنها لا تنهض بمعارضة الآيات والأحاديث المتقدمة الدالة على خلود بعض الفجار في النار، ولا على معارضة الإجماع الذي تقدم من الفريقين!
أما الوجه الذي يحسن التعرض له فهو قول ابن القيم:
فصل. والذين قطعوا بدوام النار لهم ست طرق:
أحدها: اعتقاد الإجماع، فكثير من الناس يعتقدون أن هذا مجمع عليه بين الصحابة والتابعين، لا يختلفون فيه، وأن الاختلاف فيه حادث، وهو من أقوال أهل البدع.
الطريق الثاني: أن القرآن دل على ذلك دلالة قطعية، فإنه سبحانه أخبر أنه عذاب مقيم، وأنه لا يفتر عنهم، وأنه لن يزيدهم إلا عذابا، وأنهم خالدون فيها أبدا، وما هم بخارجين من النار، وما هم منها بمخرجين، وأن الله حرم الجنة على الكافرين، وأنهم لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، وأنهم لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها، وأن عذابها كان غراما أي مقيما لازما.. قالوا وهذا يفيد القطع بدوامه واستمراره.
الطريق الثالث: أن السنة المستفيضة أخبرت بخروج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان دون الكفار، وأحاديث الشفاعة من أولها إلى آخرها صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وأن هذا حكم مختص بهم فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم ولم يختص الخروج بأهل الإيمان.
الطريق الرابع: أن الرسول وقفنا على ذلك وعلمناه من دينه بالضرورة من غير حاجة بنا إلى نقل معين، كما علمنا من دينه دوام الجنة وعدم فنائها.
الطريق الخامس: أن عقائد السلف وأهل السنة مصرحة بأن الجنة والنار مخلوقتان وأنهما لا تفنيان بل هما دائمتان، وإنما يذكرون فناءهما عن أهل البدع.