من مناسبة لتطمين النبي (صلى الله عليه وآله) وتذكيره بنعم الله تعالى الآتية، ليتحمل أحقاد المشركين ومؤامراتهم، ومتاعب الأمة وأذاياها، ومصاعب الدنيا ومراراتها.
ويؤيد نزولها مرة ثانية ما رواه السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 361: وأخرج ابن مردويه عن عكرمة (رضي الله عنه) قال: لما نزلت وللآخرة خير لك من الأولى، قال العباس بن عبد المطلب: لا يدع الله نبيه فيكم إلا قليلا لما هو خير له. انتهى.
ويؤيده أيضا ما رواه المجلسي في بحار الأنوار ج 22 ص 533: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما حضرت النبي الوفاة استأذن عليه رجل فخرج إليه علي (عليه السلام) فقال:
حاجتك؟ قال: أردت الدخول إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال علي (عليه السلام): لست تصل إليه فما حاجتك؟ فقال الرجل: إنه لا بد من الدخول عليه، فدخل علي فاستأذن النبي (عليهما السلام) فأذن له فدخل وجلس عند رأس رسول الله ثم قال: يا نبي الله إني رسول الله إليك، قال: وأي رسل الله أنت قال: أنا ملك الموت، أرسلني إليك يخيرك بين لقائه والرجوع إلى الدنيا، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): فأمهلني حتى ينزل جبرئيل فأستشيره، ونزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا رسول الله الآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى، لقاء الله خير لك، فقال (صلى الله عليه وآله): لقاء ربي خير لي، فامض لما أمرت به، فقال جبرئيل لملك الموت: لا تعجل حتى أعرج إلى ربي وأهبط... الخ. انتهى.
على أنا نلاحظ في بعض رواياتها أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (عليها السلام) (يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقد أنزل الله علي: ولسوف يعطيك ربك فترضى) وهو يدل على أن النبي ذكر فاطمة بنزول الآية، لا أنها نزلت في ذلك الوقت.
الثانية: نلاحظ في تفسير هذه الآية ملامح الاتجاه إلى توسيع الشفاعة لكل المسلمين، مؤمنهم ومنافقهم ظالمهم ومظلومهم محسنهم ومسيئهم! وأنها وأمثالها لم تستثن الظالمين والجبارين والطغاة ومحرفي الدين والمفسدين في أمور البلاد والعباد! ولا اشترطت شروطا لنيل الشفاعة والنجاة فقالت مثلا: من مات على الشهادتين وكان من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، ولم يكن في رقبته ظلم