محتاج، فتضاحك له الحجاج، وقال: للطف ما توسلت به، قد وليتك موضع كذا (1).
ونتيجة لذلك شهدت أوساط الشيعة مجازر بشعة على يد السلطات الغاشمة، فقتل الآلاف منهم، وأما من بقي منهم على قيد الحياة فقد تعرض إلى شتى صنوف التنكيل والإرهاب والتخويف، والحق يقال إن من الا مور العجيبة أن يبقى لهذه الطائفة باقية رغم كل ذلك الظلم الكبير والقتل الذريع، بل العجب العجاب أن تجد هذه الطائفة قد ازدادت قوة وعدة، وأقامت دولا وشيدت حضارات وبرز منها الكثير من العلماء والمفكرين.
فلو كان الأخ السني يرى التقية أمرا محرما فليعمل على رفع الضغط عن أخيه الشيعي، وأن لا يضيق عليه في الحرية التي سمح بها الإسلام لأبنائه، وليعذره في عقيدته وعمله كما هو عذر أناسا كثيرين خالفوا الكتاب والسنة وأراقوا الدماء ونهبوا الدور فكيف بطائفة تدين بدينه وتتفق معه في كثير من معتقداته، وإذا كان معاوية وأبناء بيته والعباسيون كلهم عنده مجتهدين في بطشهم وإراقة دماء مخالفيهم فماذا يمنعه عن إعذار الشيعة باعتبارهم مجتهدين.
وإذا كانوا يقولون - وذاك هو العجيب - ان الخروج على الإمام علي - عليه السلام - غير مضر بعدالة الخارجين والثائرين عليه، وفي مقدمتهم طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة، وإن إثارة الفتن في صفين - التي انتهت إلى قتل كثير من الصحابة والتابعين وإراقة دماء الآلاف من العراقيين والشاميين - لا تنقص شيئا من ورع المحاربين وهم بعد ذلك مجتهدون معذورون لهم ثواب من اجتهد