2 - ينقل جمال الدين القاسمي عن الإمام مرتضى اليماني في كتابه " إيثار الحق على الخلق " ما نصه: " وزاد الحق غموضا وخفاء أمران: أحدهما: خوف العارفين - مع قلتهم - من علماء السوء وسلاطين الجور وشياطين الخلق مع جواز التقية عند ذلك بنص القرآن، وإجماع أهل الإسلام، وما زال الخوف مانعا من إظهار الحق، ولا برح المحق عدوا لأكثر الخلق، وقد صح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال - في ذلك العصر الأول -: حفظت من رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " وعاءين، أما أحدهما فبثثته في الناس وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم (1).
3 - وقال المراغي في تفسير قوله سبحانه: * (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) *: ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة، وإلانة الكلام لهم، والتبسم في وجوههم وبذل المال لهم، لكف أذاهم وصيانة العرض منهم، ولا يعد هذا من الموالاة المنهي عنها، بل هو مشروع، فقد أخرج الطبراني قوله " صلى الله عليه وآله وسلم ": " ما وقى المؤمن به عرضه فهو صدقة " (2).
إن الشيعة تتقي الكفار في ظروف خاصة لنفس الغاية التي لأجلها يتقيهم السني، غير أن الشيعي ولأسباب لا تخفى، يلجأ إلى اتقاء أخيه المسلم لا لقصور في الشيعي، بل في أخيه الذي دفعه إلى ذلك لأنه يدرك أن الفتك والقتل مصيره إذا صرح بمعتقده الذي هو موافق لا صول الشرع الإسلامي وعقائده، نعم كان الشيعي وإلى وقت قريب يتحاشى أن يقول: إن الله ليس له جهة، أو أنه تعالى لا يرى يوم القيامة، وإن المرجعية العلمية والسياسية لأهل البيت بعد رحلة النبي