فإذا كان هذا هو حال أبناء الرسول، فما هو حال شيعتهم ومقتفي آثارهم؟!
قال العلامة الشهرستاني: إن التقية شعار كل ضعيف مسلوب الحرية. إن الشيعة قد اشتهرت بالتقية أكثر من غيرها لأنها منيت باستمرار الضغط عليها أكثر من أية أمة أخرى، فكانت مسلوبة الحرية في عهد الدولة الأموية كله، وفي عهد العباسيين على طوله، وفي أكثر أيام الدولة العثمانية، ولأجله استشعروا بشعار التقية أكثر من أي قوم، ولما كانت الشيعة، تختلف عن الطوائف المخالفة لها في قسم مهم من الاعتقادات في أصول الدين وفي كثير من الأحكام الفقهية، والمخالفة تستجلب بالطبع رقابة وتصدقه التجارب، لذلك أضحت شيعة الأئمة من آل البيت مضطرة في أكثر الأحيان إلى كتمان ما تختص به من عادة أو عقيدة أو فتوى أو كتاب أو غير ذلك، تبتغي بهذا الكتمان صيانة النفس والنفيس، والمحافظة على الوداد والاخوة مع سائر إخوانهم المسلمين، لئلا تنشق عصا الطاعة، ولكي لا يحس الكفار بوجود اختلاف ما في المجتمع الإسلامي فيوسع الخلاف بين الا مة المحمدية.
لهذه الغايات النزيهة كانت الشيعة تستعمل التقية وتحافظ على وفاقها في الظواهر مع الطوائف الا خرى، متبعة في ذلك سيرة الأئمة من آل محمد وأحكامهم الصارمة حول وجوب التقية من قبيل: " التقية ديني ودين آبائي "، إذ أن دين الله يمشي على سنة التقية لمسلوبي الحرية، دلت على ذلك آيات من القرآن العظيم (1).