وهذه الأقوال تنفي الثقة بوقوع النسخ، كما أن نسخ القرآن بأخبار الآحاد ممنوع جدا، وقد صح عن عمران بن الحصين أنه قال: " إن الله أنزل المتعة وما نسخها بآية أخرى، وأمرنا رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " بالمتعة وما نهانا عنها، ثم قال رجل برأيه "، يريد به عمر بن الخطاب. وسيوافيك مصدره.
إن الخليفة الثاني لم يدع النسخ وإنما أسند التحريم إلى نفسه، ولو كان هناك ناسخ من الله عز وجل أو من رسوله، لأسند التحريم إليهما، وقد استفاض قول عمر وهو على المنبر: متعتان كانتا على عهد رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء.
بل نقل متكلم الأشاعرة في شرحه على شرح التجريد أنه قال: أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، وأنا أنهى عنهن، وأحرمهن، وأعاقب عليهن، متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل (1).
وقد روي عن ابن عباس - وهو من المصرحين بحلية المتعة وإباحتها - في رده على من حاجه بنهي أبي بكر وعمر لها، حيث قال: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، وتقولون:
قال أبو بكر وعمر.
حتى أن ابن عمر لما سئل عنها، أفتى بالإباحة، فعارضوه بقول أبيه، فقال لهم: أمر رسول الله أحق أن يتبع أم أمر عمر؟
كل ذلك يعرب عن أنه لم يكن هناك نسخ ولا نهي نبوي وإنما كان تحريما من جانب الخليفة، وهو في حد ذاته يعتبر اجتهادا قبالة النص الواضح، وأنه ما انفك يعلن جملة من الصحابة رفضهم له وعدم إذعانهم لأمره، وإذا كان الخليفة