ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور. (آل عمران: 154) وقال تعالى: وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون. (الجاثية: 24) * * فهذه الآيات الكريمة تؤكد على ضرورة المعرفة والعلم اليقيني، وتنفي حجية الظن مطلقا نفيا كليا، وتوبخ الذين يبنون عقائدهم وأفكارهم ومواقفهم على ظنونهم! وجميعها ترشد إلى حكم العقل، الذي يدرك أن الظن كالشك لا قيمة له، ولا يغني من الحق شيئا.
فالأصل القرآني والعقلي لزوم العلم في مختلف الأمور الفكرية والعملية، وعدم الاكتفاء بالظن إلا في حالات فرعية، حيث لا يمكن تحصيل العلم أو يكون فيه مشقة وحرج، كالشك في ركعات الصلاة وتخمين محصول الأرض والنخيل والكروم، من أجل تقدير ثمنها أو زكاتها، فيكتفي فيها الشرع والقانون بالظن، لتسهيل عمل الناس وتعاملهم.
فالدين الإلهي قام على العلم، وبالعلم أنزل الله كتابه الذي فيه تبيان كل شئ، وبالعلم بينه رسوله صلى الله عليه وآله لأمته، وعن علم تكفل الله ببيانه للأجيال فقال: (إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه. ثم إن علينا بيانه). (القيامة: 17 - 19). وحسب وعده أورث سبحانه علم الكتاب لعترة نبيه عليهم السلام الذين اصطفاهم وآتاهم العلم اليقيني، وقال عنهم: (ثم أو ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا). (فاطر: 32) وقال عنهم: (قل كفى قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب). (الرعد: 43) وقال عنهم: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه). (هود: 17)