ودخل عبد الرحمن بن عوف في مرضه الذي توفي فيه فقال: كيف أصبحت يا خليفة رسول الله؟ فقال: أصبحت موليا، وقد زدتموني على ما بي أن رأيتموني استعملت رجلا منكم فكلكم قد أصبح وارما أنفه، وكل يطلبها لنفسه!!
فقال عبد الرحمن: والله ما أعلم صاحبك إلا صالحا مصلحا، فلا تأس على الدنيا! قال: ما آسى إلا على ثلاث خصال صنعتها ليتني لم أكن صنعتها، وثلاث لم أصنعها ليتني كنت صنعتها، وثلاث ليتني كنت سألت رسول الله عنها:
فأما الثلاث التي صنعتها، فليت أني لم أكن تقلدت هذا الأمر. وقدمت عمر بين يدي، فكنت وزيرا خيرا مني أميرا. وليتني لم أفتش بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال ولو كان أغلق على حرب، وليتني لم أحرق الفجاءة السلمي أما أن أكون قتلته سريحا، أو أطلقته نجيحا.
والثلاث التي ليت أني كنت فعلتها، فليتني قدمت الأشعث بن قيس تضرب عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شيئا من الشر إلا أعان عليه، وليت أني بعثت أبا عبيدة إلى المغرب وعمر إلى أرض المشرق، فأكون قدمت يدي في سبيل الله، وليت أني ما بعثت خالد بن الوليد إلى بزاخة، ولكن خرجت فكنت ردءا له في سبيل الله.
والثلاث التي وددت أني سألت رسول الله عنهن: فلمن هذا الأمر فلا ينازع فيه وهل للأنصار فيه من شئ، وعن العمة والخالة أترثان أو لا ترثان؟). انتهى.
وقال الراضي في سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 261: (قال أبو بكر في مرض موته: أما أني لا آسي على شئ في الدنيا إلا على ثلاث.... الخ.) راجع كلامه هذا في: تاريخ الطبري: 3 / 430 ط دار المعارف بمصر و: 2 / 619 ط آخر، مروج الذهب: 2 / 301، الإمامة والسياسة: 1 / 18، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 130 و: 2 / 20