المقفع لأنه كان يعبث به ويضحك منه دائما، فغضب سفيان يوما من كلامه وافترى عليه، فرد ابن المقفع عليه ردا فاحشا، وقال له: يا بن المغتلمة! وكان يمتنع ويعتصم بعيسى وسليمان ابني علي بن عبد الله بن العباس، فحقدها سفيان عليه، فلما كوتب في أمره بما كوتب اعتزم قتله، فاستأذن عليه جماعة من أهل البصرة منهم ابن المقفع، فأدخل ابن المقفع قبلهم، وعدل به إلى حجرة في دهليزه، وجلس غلامه بدابته ينتظره على باب سفيان، فصادف ابن المقفع في تلك الحجرة سفيان بن معاوية، وعنده غلمانه وتنور نار يسجر، فقال له سفيان: أتذكر يوم قلت لي كذا؟! أمي مغتلمة إن لم أقتلك قتله لم يقتل بها أحد! ثم قطع أعضاءه عضوا عضوا وألقاها في النار وهو ينظر إليها!! حتى أتى على جميع جسده، ثم أطبق التنور عليه وخرج إلى الناس فكلمهم!
فلما خرجوا من عنده تخلف غلام ابن المقفع ينتظره فلم يخرج، فمضى وأخبر عيسى بن علي وأخاه سليمان بحاله، فخاصما سفيان بن معاوية في أمره، فجحد دخوله إليه، فأشخصاه إلى المنصور، وقامت البينة العادلة أن ابن المقفع دخل دار سفيان حيا سليما ولم يخرج منها!
فقال المنصور: أنا أنظر في هذا الأمر إن شاء الله غدا، فجاء سفيان ليلا إلى المنصور فقال: يا أمير المؤمنين، إتق الله في صنيعتك ومتبع أمرك، قال: لا ترع، وأحضرهم في غد، وقامت الشهادة، وطلب سليمان وعيسى القصاص، فقال المنصور: أرأيتم إن قتلت سفيان بابن المقفع، ثم خرج ابن المقفع عليكم من هذا الباب وأومأ إلى باب خلفه، من ينصب لي نفسه حتى أقتله بسفيان؟ فسكتوا واندفع الأمر! وأضرب عيسى وسليمان عن ذكر ابن المقفع بعدها، وذهب دمه هدرا).