ولكن النص التالي يدلنا على أن الحس الاجتماعي للأمة تقبل لقب خليفة النبي صلى الله عليه وآله ولم يتقبل لقب (خليفة الله).
ففي تاريخ بغداد: 2 / 301: (قال أبو معاوية: دخلت على هارون يعني أمير المؤمنين فقال لي: يا أبا معاوية هممت أنه من ثبت خلافه علي فعلت به وفعلت به، فسكت، فقال لي: تكلم تكلم! قال قلت: إن أذنت لي تكلمت. قال: تكلم.
فقلت: يا أمير المؤمنين، قالت تيم: منا خليفة رسول الله (ص)، وقالت عدي: منا خليفة خليفة رسول الله (ص)، وقالت بنو أمية: منا خليفة الخلفاء، فأين حظكم يا بني هاشم من الخلافة، والله ما حظكم فيها إلا ابن أبي طالب! فقال: والله يا أبا معاوية، لا يبلغني أن أحدا لم يثبت خلافة علي، إلا فعلت به كذا وكذا)!! انتهى.
* * وجاء دور الفقهاء الباحثين أو المبررين! قال الشربيني في مغني المحتاج: 4 / 132: (تجب طاعة الإمام وإن كان جائرا فيما يجوز من أمره ونهيه، لخبر: إسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف، ولأن المقصود من نصبه اتحاد الكلمة، ولا يحصل ذلك إلا بوجوب الطاعة..... ويجوز تسمية الامام: خليفة، وخليفة رسول الله، وأمير المؤمنين. قال البغوي: وإن كان فاسقا. وأول من سمي به عمر بن الخطاب، ولا يجوز تسميته بخليفة الله تعالى، لأنه إنما يستخلف من يغيب ويموت، والله تعالى منزه عن ذلك). انتهى.
ودليل البغوي ضعيف، لأن الله تعالى قال: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، مع أنه تعالى حي لا يموت، والدليل الصحيح: أن خليفة الله وخليفة الرسول منصب يحتاج إلى نص من الله أو رسوله، وإلا كان ادعاء وافتراء.