فأخرجوه من منزله ملببا ومروا به على قبر النبي عليه وآله السلام قال: فسمعته يقول: ابن أم إن القوم استضعفوني.. إلى آخر الآية! وجلس أبو بكر في سقيفة بني ساعدة وقدم علي فقال له عمر: بايع، فقال له علي: فإن أنا لم أفعل فمه؟ فقال له عمر: إذا أضرب والله عنقك! فقال له علي: إذا والله أكون عبد الله المقتول، وأخا رسول الله. فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم، وأما أخو رسول الله فلا، حتى قالها ثلاثا، فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب فأقبل مسرعا يهرول، فسمعته يقول: ارفقوا بابن أخي ولكم علي أن يبايعكم، فأقبل العباس وأخذ بيد علي فمسحها على يد أبي بكر، ثم خلوه مغضبا، فسمعته يقول ورفع رأسه إلى السماء: اللهم إنك تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله قد قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم، وهو قولك في كتابك: إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مأتين. قال: وسمعته يقول: اللهم وإنهم لم يتموا عشرين، حتى قالها ثلاثا، ثم انصرف). انتهى.
فقد تمت خلافة أبي بكر بتهديد قريش للناس وإجبارهم على بيعته، ومع ذلك سموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، وشهدوا على أنفسهم أنه لم يستخلفه.
* * وعندما أوصى أبو بكر إلى عمر سموه (خليفة خليفة رسول الله) فاستطالها عمر فسمى نفسه (أمير المؤمنين)! قال الطبري في تاريخه: 3 / 277: (لما ولي عمر قيل: يا خليفة خليفة رسول الله، فقال عمر: هذا أمر يطول، كلما جاء خليفة قالوا: يا خليفة خليفة خليفة رسول الله، بل أنتم المؤمنون وأنا أميركم فسمي أمير المؤمنين). انتهى. ورواه ابن عساكر: 30 / 297، وابن شبة في تاريخ المدينة: 2 / 678، وفيه: (فقال عمر: إن هذا لكثير، فإذا مت أنا فقام رجل مقامي قلتم: خليفة خليفة رسول الله، أنتم المؤمنون وأنا أميركم. فهو سمى نفسه). انتهى.