ابن علية عن رجاء بن سلمة قال: بلغني أن معاوية كان يقول: عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر! فإنه كان قد أخاف الناس في الحديث عن رسول الله (ص). انتهى.
شحن الذهبي كلامه كما ترى بتأجيج عاطفة حب عمر التي تربى عليها السنيون، وبغضهم للرافضة الذي تربوا عليه، لأن الرافضة لا يقبلون أعذار عمر لتعطيل السنة، ولا يقبلون ما سطره محبوه من أسرار الحكمة الإلهية في فعله، وأنه مسدد معصوم في كل أقواله وأفعاله حتى في تعطيل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله!
وهذا يدل على أن الذهبي وهو باحث متتبع إمام عندهم، ليس لديه ما يدافع به عن أبي بكر ولا عمر إلا العاطفة! لكن هل سيتخذ نفس الموقف إذا وجد في تاريخ الأنبياء عليهم السلام أن أحد الحكام بعد إبراهيم أو بعد موسى أو سليمان عليهما السلام منع أمته من تدوين أحاديثه وروايتها، وهل سيدافع عنه بالعاطفة؟!
بل ما هو موقفه لو أن عثمان أو عليا عليه السلام أو حاكما مسلما بعد عمر، منع المسلمين من رواية أحاديث عمر وسيرته وفتاواه، وعاقب على ذلك بحجة المحافظة على صحتها وسلامتها وإيصالها إلى الأجيال؟!
وهل سمعتم في التاريخ أن أصحاب نبي منعوا رواية سنته وتدوينها، لشدة حرصهم عليها! حتى ضاع كثير منها، واختلط صحيحها بمكذوبها؟!
أو سمعتم أن ولدا من شدة محافظته على جواهر أبيه وحرصه على إيصالها سالمة إلى أحفاده، أخفى مكانها ولم يخبر به أحدا، حتى مات وضاع منها ما ضاع، وحصل منها ما حصل غير سالم؟!
لا أدري بأي ذهن يفكر المدافعون عن سياسة تغييب السنة ومنع روايتها وتدوينها؟ وهل يخفى عليهم ذلك، أم يتصورون أنه كان خافيا على الخلفاء؟!