ذكره (ص) من معايش الدنيا على سبيل الرأي، فيه حديث إبار النخل وأنه (ص) قال: (ما أظن يغني ذلك شيئا فخرج شيصا فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به. وفي رواية: إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشئ من رأي فإنما أنا بشر. وفي رواية: أنتم أعلم بأمر دنياكم.
قال العلماء: قوله (ص): من رأيي، أي في أمر الدنيا ومعايشها، لا على التشريع. فأما ما قاله باجتهاده (ص) ورآه شرعا يجب العمل به، وليس إبار النخل من هذا النوع، بل من النوع المذكور قبله.
مع أن لفظة الرأي إنما أتى بها عكرمة على المعنى، لقوله في آخر الحديث قال عكرمة: أو نحو هذا، فلم يخبر بلفظ النبي (ص) محققا.
قال العلماء: ولم يكن هذا القول خبرا، وإنما كان ظنا كما بينه في هذه الروايات قالوا: ورأيه (ص) في أمور المعايش وظنه كغيره، فلا يمتنع وقوع مثل هذا، ولا نقص في ذلك، وسببه تعلق همهم بالآخرة ومعارفها. والله أعلم.
قوله يلقحونه، بمعنى يؤبرون في الرواية الأخرى، ومعناه إدخال شئ طلع الذكر في طلع الأنثى فتعلق باذن الله....
قوله: فخرج شيصا، هو بكسر الشين المعجمة وإسكان الياء المثناة تحت وبصاد مهملة، وهو البسر الردئ الذي إذا يبس صار حشفا، وقيل: أردأ البسر، وقيل: تمر ردئ، وهو متقارب). انتهى.
أقول: يظهر أن ما ذكره النووي من (وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره (ص) من معايش الدنيا على سبيل الرأي) هو عنوان باب في صحيح مسلم، وهو جرأة عجيبة على الطعن في النبي صلى الله عليه وآله بأنه ساذج، ولواذ في مخالفة أوامره!