قسمة ضيزى. إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى. (19 - 23) فكان ذلك إعلانا بتسفيه أصنام قريش (اللات والعزى ومناة) وإسقاطها إلى الأبد!
ومن الطبيعي أن يكون تأثير ذلك على قريش كبيرا، وأن يثير كبرياءها وردة فعلها العنيفة، وهذا ما حدث بالفعل فقد تصاعدت مؤامراتهم عليه صلى الله عليه وآله حتى وصلت إلى قرار قتله صلى الله عليه وآله، فأنجاه الله بالهجرة.
في هذا السياق القطعي من السيرة لا يمكننا أن نفسر قصة الغرانيق إلا بأنها ردة فعل قرشية، وأن أصلها أن أحد المشركين القرشيين أجاب على ذم أصنام قريش في سورة النجم: أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، ألكم الذكر وله الأنثى، تلك إذا قسمة ضيزى، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى.
وقام بتحريفها إلى مدح للأصنام وقال: أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى. تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترجى!
فأعجب ذلك القرشيين وتمنوا لو أن قرآن محمد قال هذا المديح في آلهتهم، بدل ذمها وذمهم!
ومن المؤكد أن رواة قريش وضعوا قصة الغرانيق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ولم يكن لها عين ولا أثر في سيرته صلى الله عليه وآله في مكة ولا بعدها، وإلا لرفعها المشركون علما، وطبل بها اليهود وزمروا! وكذبها النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون!
لكن السؤال: ما هو غرض طلقاء قريش من ترويج هذه القصة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ونسبتها اليه، مع أن أصنامهم انتهت وهدمت، وتبرؤوا منها ودخلوا في الإسلام تحت السيف، ثم رضوا به لمطامع الدنيا؟!