شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز وجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه، وإنه تزوج سارة ابنة لاحج وهي ابنة خالته، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال حسنة وكانت قد ملكت إبراهيم عليه السلام جميع ما كانت تملكه، فقام فيه وأصلحه، وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه.
وإن إبراهيم عليه السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثقه وعمل له حيرا وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم عليه السلام في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه السلام سليما مطلقا من وثاقه، فأخبر نمرود خبره فأمرهم أن ينفوا إبراهيم عليه السلام من بلاده، وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله، فحاجهم إبراهيم عليه السلام عند ذلك فقال: إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم! واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على إبراهيم عليه السلام أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم، وقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم عليه السلام ما ذهب من عمره في بلادهم! فأخبر بذلك نمرود، فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وما له وأن يخرجوه، وقال: إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم، فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه صلى الله عليهما من بلادهم إلى الشام، فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه وسارة، وقال لهم: إني ذاهب إلى ربي سيهدين، يعني بيت المقدس، فتحمل إبراهيم عليه السلام بماشيته وماله وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الأغلاق غيرة منه عليها، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له: عرارة، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت، قال العاشر