قال البخاري: 3 / 186: (حدثنا طلحة بن مصرف قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى، هل كان النبي أوصى؟ فقال: لا. فقلت: كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية؟! قال أوصى بكتاب الله)!!
ورواه في: 5 / 144 و: 6 / 107 وتبعه الباقون، فرووه عشرات المرات!
وأمام سيل هذه التأكيدات يبدو أن السنيين المتأخرين مقتنعون بأن نبينا صلى الله عليه وآله الذي هو أعظم الأنبياء وخاتمهم عليهم السلام، كان أكثر الأنبياء سذاجة، فترك أمته سائبة بدون راع، وتركها فكريا من أفقر الأمم فلم يكتب لها شيئا من توجيهاته، ولا شبيها بالوصايا العشر التي كتبها موسى لليهود، أو وصايا عيسى للحواريين؟!
وحتى القرآن الذي هو خاتم الكتب الإلهية، زعموا أنه أوصاهم به وتركه موزعا مهددا بالضياع، حتى قام الصحابة بجهود مضنية وجمعوه!!
لقد أقنعهم الذين أبعدوا آل النبي صلى الله عليه وآله عن السلطة بأن الله تعالى الذي اختار آل نوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين وورثهم علوم الأنبياء عليهم السلام وجعل أممهم بعد أنبيائها غنية بهم، لم يختر آل محمد، بل حرمهم من إرث محمد صلى الله عليه وآله العلمي، والسياسي، وحتى المادي، ومرغ أنوفهم بالتراب، وجعلهم من يوم وفاته سوقة عاديين! يجب أن يحرق عليهم دارهم بمن فيه إن لم يبايعوا الخليفة الذي اختاره تحالف قبائل قريش!!
كان إنكار الوصية النبوية ضروريا لهم، لأن القول بوجودها يعني أنها لعلي عليه السلام، ويعني بطلان الأساس الذي بنوا عليه خلافتهم ووراثتهم للنبي صلى الله عليه وآله!
لكن إذا ابتعدنا عن الخلافة، فهم حاضرون للاعتراف بالتفوق العلمي لعلي عليه السلام، وأن النبي صلى الله عليه وآله ميزه عن غيره بأمر الله تعالى، لكن في العلم فقط!! فقد