عدم التناقض، واعتبرته من خصائص التفكير الميتافيزيقي، ومن أسس المنطق الشكلي، المتداعية بمعول الجدل القوي، كما يقرر كيدروف قائلا:
((نفهم بكلمة المنطق الشكلي المنطق الذي يرتكز فقط على قوانين الفكر الأربعة: الهوية، والتناقض، والعكس، والبرهان. والذي يقف عند هذا الحد. اما المنطق الديالكتي، فنحن نعتبر انه علم الفكر. الذي يرتكز على الطريقة الماركسية، المميزة بهذه الخطوط الأساسية الأربعة: الاقرار بالترابط العام، وبحركة التطور، وبقفزات التطور، وبتناقضات التطور)) (1).
هكذا نرى ان الديالكتيك، أقصى عن ميدانه أكثر الأفكار البشرية بدهية. فأنكر مبدأ عدم التناقض، وافترض التناقض - عوضا عنه - قانونا عاما للطبيعة والوجود. وهو في هذا الانكار والافتراض. يطبق مبدأ عدم التناقض بصورة لا شعورية، فان الجدلي حين يؤمن بالتناقضات الجدلية، وبالتفسير الديالكتي للطبيعة، يجد نفسه مضطرا إلى رفض مبدأ عدم التناقض، والتفسير الميتافيزيقي لها. ومن الواضح ان هذا ليس الا لأجل ان الطبيعة البشرية لا يمكن، ان توفق بين السلب والايجاب معا، بل تشعر ذاتيا بالتعارض المطلق بينهما، والا فلماذا رفضت الماركسية مبدأ عدم التناقض، واعتقدت ببطلانه؟ أليس ذلك لأنها آمنت بالتناقض، ولا يسعها أن تؤمن بعدمه، ما دامت آمنت بوجوده، وهكذا نعرف ان مبدأ عدم التناقض. هو المبدأ الأساسي العام، الذي لم يتجرد عنه التفكير البشري. حتى في لحظة التحمس للجدل والديالكتيك.
وقد كان من نتاج التناقض الديالكتيكي، ان اسقط مبدأ الهوية (أ هي أ) من قاموس الجدل أيضا، وأجيز ان يكون الشيء غير نفسه، بل التناقض الديالكتيكي العام يحتم ذلك، لأن كل شيء متضمن لنقيضه، ومعبر عن نفيه