وقد عرفنا فيما سبق، ان التفاعل بين الأضداد الخارجية ليس من الديالكتيك بشيء، ولا يمت إلى التناقض الذي يرفضه المنطق الميتافيزيقي بصلة، فالمسألة مسألة قوتين، تؤثر إحداهما في الأخرى، لا مسألة قوة تتناقض في محتواها الداخلي، كما يزعم الديالكتيك.
5 - تناقض الفعل، ورد الفعل في الميكانيك (1). فالقانون الميكانيكي - القائل ان لكل فعل رد فعل، يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه - مظهر من مظاهر التناقض الديالكتي، في زعم الماركسية.
ومرة أخرى نجد أنفسنا، مضطرين إلى التأكيد، على أن قانون نيوتن هذا، لا يبرر التناقضات الديالكتيكية، بلون من الألوان، لان الفعل ورد الفعل، قوتان قائمتان بجسمين، لا نقيضان مجتمعان في جسم واحد. فعجلتا السيارة الخلفيتان، تدفعان الأرض بقوة، وهذا هو الفعل. والأرض تدفع عجلتي السيارة بقوة أخرى، مساوية في المقدار ومعاكسة في الاتجاه للأولى، وهذا هو رد الفعل، وبسببه تتحرك السيارة، فلم يحتو الجسم الواحد على دفعين متناقضين. ولم يقم في محتواه الداخلي، صراع بين النفي والاثبات، بين النقيض والنقيض، بل السيارة تدفع الأرض من ناحية، والأرض تدفع السيارة من ناحية أخرى، والديالكتيك انما يحاول أن يشرح كيفية نمو الأشياء وحركتها، باحتوائها داخليا على قوتين متدافعتين، ونقيضين متخاصمين، يصارع كل منهما الآخر لينتصر عليه، ويبلور الشيء تبعا له، وأين هذا من قوتين خارجيتين، يتولد من إحداهما فعل خاص، ومن الأخرى رد الفعل. ونحن نعرف جميعا ان الزخمين المتعاكسين، اللذين يولدهما الفعل ورد الفعل، يقومان في جسمين، ولا يمكن ان يكونا في جسم واحد، لأنهما متعاكسان ومتنافيان، وليس هذا الا لأجل مبدأ عدم التناقض.
6 - تناقضات الحرب، التي يعرضها ماوتسي تونغ في قوله:
((والواقع ان الهجوم والدفاع في الحرب، والتقدم والتراجع، والنصر والهزيمة، كلها ظواهر متناقضة، ولا وجود