نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ٢ - الصفحة ٤٦
____________________
وما رواه علماء الإمامية ومحدثوهم، والكل متقاربة (*) المضامين، ومتفقة
* وحاصل تلك الأحاديث، وملخصها على ما رواه الشافعي المعتزلي، عن جماعات كثيرة من أرباب السير بعد إسقاط المكررات مضافا إلى ما تقدم منا في المقصد الأول من الإمامة في هامش شرح قول الناظم: «فإنه مثار إيقاع الفتن» [٥].
هو أنه بعدما تصدى أبو بكر الخلافة امتنع علي (عليه السلام) وكثير من وجوه الصحابة عن البيعة له، وفيهم سلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمار، والزبير، وأبو سفيان، وخالد بن سعيد، والعباس بن عبد المطلب، وجميع بني هاشم، وجعلوا يترددون إلى علي (عليه السلام).
فقام عمر مع خالد بن الوليد بأمر من أبي بكر، وانصرفا في عصابة إلى دار علي (عليه السلام)، ونادى عمر على باب الدار، فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن عليكم البيت.
فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف، فاعتنقه زياد بن لبيد، ورجل آخر، فبدر السيف من يده، فأخذه عمر، وضرب به الحجر، فكسره، وخرجت فاطمة، فصرخت، وولولت، وجعلت تبكي وتصيح، ثم قبض القوم على الزبير.
ثم دخل عمر على علي (عليه السلام)، وقال له: قم فبايع، فتلكأ علي (عليه السلام) واحتبس وأبى أن يقوم، فجعل عمر يدفعه حتى أخرجه، وأخرج سائر من كان هناك من الرجال، وأحاط بهم القوم، وأخذوهم بتلابيبهم، وأخرجوهم من الدار عنفا، وساقوهم سوقا عنيفا.
فاجتمع الناس، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، حتى أدخلوا عليا (عليه السلام) ومن معه من المهاجرين والأنصار وسائر بني هاشم على أبي بكر، وهددوا عليا بالقتل إن لم يبايع، وهو يقول:
" معاشر المسلمين علام تضرب عنق رجل من المسلمين لم يتخلف لخلاف " ثم رفع رأسه إلى السماء وهو يقول: " اللهم اشهد ".
ثم توجه باكيا إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: (يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) وجعل يكرر ذلك.
ثم قال (عليه السلام) لعمر: " احلب حلبا لك شطره، والله ما حرضك على إمارته اليوم إلا ليؤمرك غدا ".
وقامت فاطمة (عليها السلام) في لمة من نساء بني هاشم حتى دخلت على أبي بكر، وقالت له: " يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله تعالى ".
وقام أبو بكر فخطب الناس، واعتذر إليهم، وقال: إن بيعتي كانت فلتة، وقى الله شرها، وخشيت الفتنة، وأيم الله ما حرصت عليها يوما قط، ولو قلدت أمرا عظيما مالي به طاقة، ولا يدان [٦]... إلى آخر كلامه.
وقال الشارح المعتزلي: وحق لأبي بكر أن يندم ويتأسف على كشف بيت فاطمة [٧].
وروى إبراهيم الثقفي عن رجاله: أنه والله ما بايع علي حتى رأى الدخان قد دخل بيته [٨].
وروى المعتزلي عن جماعة أن عمر ضرب فاطمة بالسوط، وضرب الزبير بالسيف، وعن الزهري: أنه ما بايع علي إلا بعد ستة أشهر، وما اجترأ عليه إلا بعد موت فاطمة [٩].
[٥] في ج ١ ص ٣٨٨.
[٦] شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) ٢: ٥٠.
[٧] شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) ١٧: ١٦٨.
[٨] قاله في كتابه أخبار السقيفة، وهذا الكتاب لم يصلنا، حكاه عنه السيد المرتضى في الشافي 2: 241.
[9] شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) 6: 46 و 16: 271.